صورة من الأرشيف يؤكد متتبعون للشأن الأمني، أن الاعتداءات الإنتحارية التي يقوم بها تنظيم "الجماعة السلفية" هي امتداد للمجازر الجماعية التي ارتكبتها قيادة "الجيا" تحت إمارة الدموي "عنتر زوابري"، ويشدد هؤلاء على أن "الجيا" عادت ميدانيا للنشاط تحت عباءة تنظيم "درودكال"، "لكنها أكثر فظاعة على خلفية أنها جماعية وليست انتقائية". * تمر الاثنين 11 عاما على المجزرة الرهيبة التي عاشها حي بن طلحة الواقع على بعد 15 كم من العاصمة، وتندرج هذه العملية الإرهابية في إطار سلسلة المذابح التي نفذها تنظيم "الجيا" صائفة عام 1997 بأحياء الرايس بسيدي موسى، سيدي يوسف ببني موسوس بالعاصمة ودوارين بالرمكة بغليزان خلفت حصيلة ثقيلة جدا وتمكنت هذه الأحياء من تضميد جراحها وعادت الحياة تدريجيا إليها وتتمتع اليوم باستقرار أمني. * وقد واجهت "الجيا" سلسلة من الانشقاقات دفعت العديد من القيادات الى الخروج عن التنظيم الذي انشطر الى عدة جماعات أبرزها "الجماعة السلفية" التي يعد أميرها الوطني لاحقا "حسان حطاب" الذي كان أنذاك أمير المنطقة الثانية أحد أبرز مؤسسيها، و"جماعة حماة الدعوة السلفية" التي تأسست على أنقاض "كتيبة الأهوال" بمنطقة الغرب الجزائري تحت إمارة "سليم الأفغاني". * وكان العديد من أتباع "زوابري" قد خرجوا عنه والتحقوا بهذه التنظيمات المسلحة بعد "تكفيره" للشعب الجزائري واستهدافه للمدنيين، وكانت قيادة "الجيا" قد اعتمدت الاعتداءات باستخدام المتفجرات في الأماكن العمومية ومواقف الحافلات وأيضا باستعمال السيارات المفخخة، وبررت سقوط المدنيين بانتهاج "التترس" عند استهداف الثكنات العسكرية والمراكز الأمنية بواسطة سيارات مفخخة مقابل عملية انتحارية واحدة كانت قد استهدفت مقر أمن ولاية الجزائر عام 1995 وخلفت العديد من الضحايا أغلبهم مدنيين. * * بن طلحة.. رمزية مجزرة * * وتتمثل رمزية مجزرة بن طلحة في أنها شكلت بداية اندثار تنظيم "عنتر زوابري" بعد سلسلة العمليات العسكرية التي قامت بها قوات الجيش وتم بموجبها القضاء على نواة التنظيم، لكن بعد مرور 11 عاما عادت "الجماعة السلفية" الى تكرار نفس السيناريو تحت إمارة "عبد المالك درودكال" نفس منهج "الجيا" بإحياء المنهج السابق لتنظيم "زوابري"، وهو المنهج التكفيري المكرس حاليا في التفجيرات الإنتحارية التي يؤكد خبراء أمنيون أنها "موعد جديد" مع اندثار "الجماعة السلفية" التي فقدت في وقت سابق العديد من قادتها وأمرائها الفاعلين. * بعض المراقبين يربطون عودة "الجيا" الى النشاط بتنصيب عناصرها على رأس أهم القيادات في التنظيم الإرهابي، أبرزهم "أبو حذيفة يونس العاصمي" أمير المنطقة الثانية حاليا وهي أهم منطقة عمليات وتضم اكبر وأقوى الكتائب الإجرامية، كما تعد المعقل الرئيسي "للجماعة السلفية"، وكان أبو حذيفة أمير المنطقة السادسة في تنظيم "الجيا"، كما أن المستشار العسكري الحالي "لدرودكال" المدعو "حميد الكميائي" كان مسؤولا عن ورشة المتفجرات في "الجيا" . * وكان "درودكال" الذي نشط سابقا في صفوف "الجيا" قد استنجد برفقائه السابقين لإحباط مخطط الإطاحة به من أتباع "حسان حطاب" خاصة من جماعتي الأخضرية وبرج منايل، كما أنه أوفد مؤخرا عناصر الى مناطق الشرق والغرب لتفعيل النشاط الإرهابي، واستنادا الى شهادات تائبين وإرهابيين موقوفين فإن هؤلاء هم من بقايا نشطاء "الجيا" الذين تغلغلوا بقوة في جماعة "درودكال" وفرضوا منهج المذابح الجماعية.