يحتل ملف العقار الاقتصادي وبالذّات الصناعي منه أولوية بشكل يدفع إلى الانتهاء من تداعياته على الاستثمار كما هو وارد في قانون المالية للسنة المقبلة التي تكون بمثابة المنعرج على مسار النمو بافساح المجال واسعا أمام مختلف المشاريع الاستثمارية في كافة النشاطات خارج المحروقات بفعل تحرير المبادرة لتنطلق المؤسسة والمقاولة الجزائرية على درب الإنتاج في الزراعة والصناعة الغذائية والسياحة وشتى الفروع الأخرى التي تحركها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وبالموازة مع التوجه إلى تفعيل برنامج إنجاز حظائر صناعية مندمجة ذات طابع جهوي من حيث المساحة الشاسعة وقربها من وسائل النقل والطرق والسكك الحديدية تستوعب المشاريع الاستثمارية الضخمة ذات الصلة بطبيعة التحول الاقتصادي الذي تنتهجه البلاد خاصة تحت تاثير أزمة تراجع إيرادات المحروقات وضرورة الحفاظ على ديناميكية التنمية، يتم العمل أيضا على صعيد تشخيص واقع العقار الصناعي المتوفر من حيث مدى إقامة المشاريع عليه ومن ثمة اللجوء إلى استرجاع العقار غير المستغل ووضع المستفيدين منه أمام مسؤولياتهم أما بإطلاق المشاريع أو تحويله لمتعاملين أكثر جدية. وبالفعل عرفت أكثر من منطقة صناعية أزمة تلاعب بالعقار الذي شملته عمليات مضاربة وإتجار غير شرعي نتيجة ارتفاع الطلب وقلة العرض مما وفر لانتهازيين لبسوا ثوب المستثمر فرص الاثراء وجمع المال من خلال التلاعب بالعقار العمومي وانفجرت أكثر من قضية في أكثر من ولاية. غير أن الترتيبات التي أدرجت في قانون المالية للسنة المقبلة تفتح أفقا واسعا أمام المتعاملين لتجاوز مشكلة العقار التي لطالما اعاقت الاستثمار ومن ثمة وضع المؤسسة الاقتصادية أمام مسؤولياتها في تجسيد البرامج والمشاريع. وضمن مسعى السلطات العمومية لتسهيل حصول المتعاملين الاقتصاديين على العقار لاسيما ذلك المخصص لإنجاز المشاريع الاستثمارية فإنه بإمكان المتعاملين الخواص انشاء وتهيئة و تسيير مناطق النشاط أو مناطق صناعية عبر التراب الوطني شريطة أن ألا تتواجد فوق أراض فلاحية التي تمثل رصيدا للمجموعة الوطنية وتتطلب تفعيل إجراءات الحماية خاصة وأن الرهان على تنمية الفلاحة أصبح ضرورة. إلا ان انشاء وتهيئة هذا المناطق لا بد ان تتم على أساس دراسات مسبقة مع الاخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المتعلقة بسياسة تهيئة الإقليم. وكان الوزير الاول عبد المالك سلال قد أكد خلال لقاء الثلاثية المنعقدة ببسكرة على أنه سيتم حل مشكل العقار نهائيا في غضون ستة اشهر لتكون السنة المقبلة موعدا مع انطلاقة قوية بفضل وضع المؤسسة في ظروف افضل. كما أعلن وزير الصناعة و المناجم خلال نفس اللقاء عن تحرير 31 حظيرة صناعية خلال أكتوبر الحالي من بين 49 حظيرة مسجلة عبر الوطن مشيرا إلى أن حوالي 50 بالمائة من العقار الذي وزع على المستثمرين لم تدخل مرحلة الاستغلال، ووفقا للتوجه الواقعي الجديد أوضح أن الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري (انيراف) ستعرف بدورها إعادة تنظيم معمقة لتتمكن من التركيز على مهمتها الرئيسية وهي تسهيل حصول المستمرين على العقار. وعلى صعيد آخر يقترح مشروع القانون الترخيص بمنح الأراضي التابعة لأملاك الدولة والمخصصة لإنجاز مشاريع استثمارية سياحية بصيغة الامتياز القابلة للتحول إلى صيغة التنازل طبقا لدفتر شروط شريطة الإنجاز الفعلي للمشروع المرفق بشهادة مطابقة، وقصد المساهمة في تطهير الوضعية السائدة حاليا في سوق العقار الاقتصادي الذي يعرف ضغطا كبيرا يقترح مشروع القانون رفع الرسم على الأراضي الصالحة للبناء وغير المستغلة، ويقضي النص بأن “الأراضي الواقعة في مجالات عمرانية أو الموجهة للتعمير والتي لم تشهد الشروع في البناء بعد ثلاث سنوات من تاريخ الحصول على رخصة البناء تخضع لمضاعفة بأربع مرات في الحقوق الواجبة بموجب الرسم العقاري”.