تشهد معظم مراكز البريد بمختلف بلديات العاصمة نقائص بالجملة أثارت استياء كبيرا لدى المواطنين على مدار سنوات عديدة وجعلتهم يسعون في البحث عن أي مركز تتوفر فيه خدمات ترقى لطلباتهم ويستطيعون الحصول فيه على مرتباتهم ومدخراتهم المالية دون أي إزعاج أو دون اللجوء إلى الانتظار لساعات في طوابير طويلة، حتى صار الهروب من مركز بريد لآخر لا يحل المشكل بعدما تعددت وتكررت في جميع المراكز، إذ يطرح زبائن بريد الجزائر تساؤلات عديدة حول عدم اهتمام المسؤولين في القطاع بالمشاكل التي أرهقت المواطنين. سيناريوهات تتكرر كل يوم بمكاتب البريد وتزداد حدة في المناسبات هي نفسها المشاهد التي أصبحت مألوفة لدى العاصميين، حسب ما أطلعتنا عليه إحدى السيدات بالعاصمة، حيث قالت إنها تنقلت في رحلة طويلة بين مختلف المراكز البريدية بداية من بئر توتة إلى حيدرة من أجل إيجاد موزع آلي يعمل بصفة عادية في مهمة مرهقة لتلقي راتبها، متسائلة عن سبب الأعطاب التي تصيب هذه الأجهزة رغم صرف الدولة للملايير من أجلها فإما تجدها خارج الخدمة أو لا تستقبل البطاقة المغناطيسية، بالإضافة إلى الأعطال التي لحقت بأجهزة السحب الآلي يمتد الأمر إلى الانقطاع المتكرر في شبكة الأنترنت، هو ما أكد له لنا بعض المواطنين الذين التقيناهم بمركز البريد ببلدية باش جراح أن مشكلة الانقطاعات المتكررة للشبكة أصبحت لا تحتمل مما يضطرهم إلى البقاء ساعات في الانتظار، وهو الأمر الذي أدخل المركز في حالة من الفوضى واندلاع حرب كلامية بين الموظفين والمواطنين. دائرة التخلف الذي مازالت تقبع فيها مراكز البريد بالجزائر في وقت أصبحت فيه الدول المتطورة توفر أرقى الخدمات لمواطنيها، وهو نفس المشكل الذي رفعه سكان بلديات براقي وسيدي موسى والكاليتوس عن مكتب البريد الذي يقصدونه، لكنهم يصطدمون يوميا بحاجز نقص السيولة التي تكاد تنعدم في بعض الأحيان، وكذا انعدام الصكوك البريدية وهي معادلة صعبة الحل جعلت من عملية تحصيل المواطن لأمواله من مراكز البريد بأسرع وقت ضربا من الخيال، فخدمة دقائق أصبحت تقضى في ساعات، بسبب الطوابير التي باتت تقيد الجزائريين ورغم أن السلطات العمومية باشرت عملية عصرنة قطاع البريد وتكنولوجيات الاتصال في إطار تخفيف الضغط عن المواطن، إلا أن كل تلك الجهود ذهبت هباء أمام بيروقراطية الإدارة، ولم تفلح في تقديم خدمة عصرية للمواطنين.