في الوقت الذي تحرص فيه وزارة الصحة على فرض مجسات حرارية لرصد الفيروسات في الموانئ والمطارات، وتؤكد فيه وضعها مخطط وقاية تواجه به الأمراض الفيروسية والوبائية، تشهد المستشفيات العمومية حالة كارثية تنم عن قلة نظافة وعدم احترام الوقاية الصحية للمرضى، حيث أكد رؤساء مصالح أن الوفيات جراء الأمراض الجرثومية في هذه المؤسسات الاستشفيائية، ارتفعت إلى نسبة 70 بالمائة. كشف البروفسور جمال الدين نيوبش، رئيسة مصلحة أمراض القلب بمستشفى نفيسة حمود، "بارني" سابقا، أن الوفيات جراء الجراثيم في المستشفيات الجزائرية ارتفعت بنسبة 70 بالمائة، مشيرا إلى أن أكثر المتضررين هم الرضع والمسنون، مضيفا أن الألبسة وسائل خطيرة تنقل الجراثيم إلى المصالح الاستشفائية . وشبه البروفسور نيبوش المستشفيات الجزائرية بمستشفيات سنوات الخمسينيات، معتبرا أنها مؤسسات عمومية غير متطورة ولا تخضع للضوابط العالمية، وموظفوها أشبه بموظفي المصانع . وفيما يخص خروج موظفي المستشفيات بمآزرهم للأكل في المطاعم أو لشراء بعض الأشياء، قال المتحدث إن على وزارة الصحة أن توفر الإطعام للأطباء داخل المصالح، متسائلا كيف لطبيب يجري 4 عمليات جراحية في اليوم أن يصبر عن الأكل. من جهته، أكد البروفسور محمد بقاط بركاني، رئيس مجلس عمادة الأطباء، المختص في الأمراض التنفسية، أن المستشفيات العمومية الجزائرية، كرست مؤخرا انتشار ما يسمى ب"الالتهابات الداخلية للمستشفيات، التي حسبه أصبحت تمثل 40 بالمائة في مصالح طب العيون والعمليات الجراحية والتوليد، في أنها لا يجب أن تتعدى 5 بالمائة، حسب المنظمة العالمية للصحة. وحذر بقاط من التهاون في مثل هذه الأمور التي قد تؤدي إلى وضع صحي كارثي في الجزائر. وقال إن الجراثيم تنتقل من العمليات الجراحية إلى الغرف العادية بفعل عدم الالتزام بشروط الوقاية، المتعلقة بنظافة المآزر وارتداء القفازات، واستعمال مواد التعقيم، وغسل الأيادي بسوائل النظافة، ومنع دخول الغرباء. وأشار المتحدث إلى واقعة خطيرة عرفها مؤخرا مستشفى القطار بالعاصمة، تتعلق بدخول كلب مسعور إلى ساحة المستشفى، وتجوله فيها لعدة أيام، ليكتشف فيما بعد أنه مصاب بداء الكلب، حيث قال بقاط إنه شيء غريب: كيف لمستشفى يعالج داء الكلب يدخله حيوان مصاب بالداء!؟ وفي جولة استطلاعية قادت "الشروق" إلى مستشفى نفسية حمود، "بارني"، بحسين داي، ومستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، وقفنا على تجاوزات بالجملة في حق شروط النظافة والوقاية من العدوى.. فحص دون قفازات، بصق في قاعات العلاج، مراحيض غير صالحة للبشر، مواطنون يقضون ساعات في قاعات الإنعاش، متشردون يحملون مختلف الجراثيم ويتسللون بين المرضى، حيوانات متشردة، وموظفون من ممرضين وأطباء يمضون وقتا طويلا خارج المستشفى وبين عامة المواطنين بحثا عما يأكلون وهم يرتدون مآزرهم رغم أن قانون الصحة يمنع ذلك ويعاقب عليه.