تشهد، منطقة المشاعر المقدسة، هذا العام انتقال، قرابة ثلاثة ملايين حاج بين المسجد الحرام ومنى وعرفة والمزدلفة، وذلك بلا حوادث تذكر، رغم ضيق مساحة المنطقة وتحديد أوقات الحركة التي يجب أن تكون في أغلبها حركة جماعية. حركة الحجاج بدأت، ككل عام، من مكةالمكرمة باتجاه منى في الثامن ذي الحجة لقضاء يوم التروية اتباعا لسنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. ومنهم الذين لم يأتوا إلى منى يوم التروية، خصوصا حجاج الداخل ومن وصل إلى السعودية من الخارج في يوم التاسع، يضاف إليهم هذا العام من حبسهم المطر عن الوصول إلى منى لقضاء يوم التروية فيها. وبعد قضاء يوم التروية في منى، نفر الحجاج صباحا إلى عرفات وذلك في التاسع ذي الحجة، والتقى في عرفات النافرون من منى مع حجاج الداخل والخارج، الذين قرروا بدء أعمال الحج بالوقوف في عرفة أول أركان الحج. هناك في صعيد عرفات، مكث الحجاج بكامل عددهم، وبعد غروب الشمس من ذات اليوم، نفر ذلك العدد الكبير من جديد باتجاه مزدلفة، وقضوا ليلهم فيها، وخرجوا منها بعد صلاة الصبح وقبل شروق الشمس، متجهين مجددا إلى منى ليقضوا فيها يوم النحر وثلاثة أيام التشريق (من 10 إلى 13 ذي الحجة). وبعد رمي الجمرة الكبرى والحلق وذبح الهدي من بعد ضحى يوم النحر العاشر ذي الحجة، اتجه أغلب الحجاج المتمتعين إلى مكةالمكرمة لأداء طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، فهم لم يطوفوا طواف الحج وقت وصولهم إلى مكة. وبعد الطواف والسعي، بدأت حركة العودة إلى منى تتجدد حيث يقصدها الحجاج ليبيتوا فيها اقتداء بفعل النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام. ومنذ ليلة الحادي عشر ذي الحجة جمعت منى، ببواديها وسفوح جبالها، قرابة الثلاثة الملايين الذين جاؤوا هذا العام للحج من خارج وداخل السعودية. هكذا يبدأ الحجاج أداء أعمال الحج في منطقة المشاعر من منى ويخرجون منها ليعودوا إليها دائما لاستكمال مناسك الحج، وفيها يواصل الحجاج عيشهم على مدى أربع ليال في التزام وأمان يثيران الدهشة. في منى، لا يؤثر اختلاف العادات وتنوع اللغات على سير المناسك، وكأن تلك الملايين لم تأت إلا بعد تلقيها لبرامج تدريب مكثفة للعيش بشكل لم تعتده، وبتداخل لا تكاد تفك تشابكه. وبلا شك، فإن أي تدريب لم يحدث وهذا سبب آخر للاستغراب، فلا شغب ولا صخب، رغم أن منطقة منى لا تتوقف فيها حركة مئات الآلاف على مدار أيام الحج.