حاول وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة "الالتفاف" على المرحلة المتوتّرة التي تمرّ بها العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ "حادثة الصورتين" (صورة "لوموند" وفالس للرئيس بوتفليقة)، وقال للصحفيين لدى تدشينه، السبت، مقر القنصلية الجزائرية الجديد في كرتاي بفرنسا "إن العلاقات بين البلدين قوية ولها جذور عميقة". ويُلاحظ أن وزير الخارجية تفادى التصعيد مع الطرف الفرنسي، عكس ما حدث قبل أكثر من شهر، حين استدعت الخارجية السفير الفرنسي واحتجت رسميا على نشر صحيفة "لوموند" صورة الرئيس بوتفليقة على مقال يتحدّث عن تهرب ضريبي لمسؤوليين جزائريين وردت أسماؤهم في "تسريبات بنما"، وقال لعمامرة بلغة ديبلوماسية "العلاقات الجزائرية الفرنسية لن تكون أبدا عادية"، غير أن هذه التصريحات لا يُمكن أن تخفي حكم التوتّر الذي يكتنف العلاقة بين البلدين. وواصل الوزير مستعملا اللغة الدبلوماسية نفسها قائلا "لما كان الرئيس بوتفليقة وزيرا للشؤون الخارجية منذ سنوات خلت (في السبعينيات) قام بتسيير عديد الوضعيات الصعبة بين الجزائروفرنسا وهو صاحب تلك العبارة الشهيرة: العلاقات الجزائرية الفرنسية يمكن أن تكون جيدة ويمكن أن تكون سيئة لكنها لن تكون أبدا عادية وأنا أؤكد على ذلك إنها لن تكون أبدا عادية". وبرأي لعمامرة فإن "تلك العلاقات تتطلب العمل من هنا وهناك، والعمل مستمر ويتم في عديد القطاعات والمواعيد قد حددت". وأقحم الوزير الجالية الجزائرية في العلاقة الثنائية، فقال "مهمة الجالية الوطنية في فرنسا بقيت على الدوام عامل تقارب وفاعل ومستفيد من تحسن الوضعية النوعية لتلك العلاقات الثنائية، أما الباقي فهي الحياة الدولية وهي المصالح". واسترسل في هذا الجانب قائلا "هناك مصالح مشتركة ومشاريع مشتركة ومن بين المصالح التي تكتسي أهمية كبرى لنا، سهرنا على كرامة المواطن الجزائري في فرنسا حتى يلعب دورا في تحسين العلاقات بين البلدين وتطويرها وفتح آفاق جديدة في تلك العلاقات، وبطبيعة الحال هناك مصالح خاصة ومصالح متعددة وهناك مجالات جد معقدة والجزائر حريصة على استقلالها وعلى مسائل دولية عادلة، فللجزائر مواقف مبدئية ومواقف ثابتة (يشير بالخصوص إلى القضيتين الفلسطينية والصحراوية)". وأشار رئيس الديبلوماسية إلى أن بين الجزائروفرنسا "اختلافات مواقف في المصالح" مستدركا "لكننا نتحاور مع الدولة الفرنسية على قدم المساواة"، وأضاف "نعتقد أن هذا الحوار القائم على فهم المصالح المشتركة في التعاون يمكن أن يتجاوز الصعوبات مهما كانت طبيعتها". و ذكر الوزير أمام الجالية الوطنية بكريتاي أنه منذ أيام قام وفد فرنسي يتكون من عشرة منتخبين من عديد المقاطعات الفرنسية بزيارة الجزائر في إطار التعاون اللامركزي. كما أضاف "اعتقد أن الأمر يتعلق هنا بمعين لا ينضب من التعاون والتضامن بين المقاطعات الفرنسية والجزائرية"، مشيرا إلى أن توصيات "قد قدمت في الجزائر إلا أن هناك دورا رئيسيا يجب أن تلعبه الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا". وطلب رمطان لعمامرة من رئيس بلدية كريتاي محافظ فال دو مارن الحاضرين في هذا الحفل على غرار مسؤولين فرنسيين آخرين مساعدة الجالية الجزائرية و"العمل معا لإقامة جسور حقيقية على المتوسط". وخلص في الأخير إلى القول "جسور الصداقة تلك يمكن أن تسمح لنا بأن نضمن لأفراد جاليتنا الحاضرة هنا، الإمكانيات التي تسمح لها بتطوير علاقاتها مع بلدها الأصلي وترقية علاقات نوعية مع البلد المستقبِل". وتُعتبر زيارة لعمامرة الأولى لمسؤول جزائري منذ زيارة الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس الجزائر في أفريل الفارط، الذي تلته زيارتان لمسؤولين فرنسيين هما رئيس جمعية فرنساالجزائر جون بيار شوفنمان ثم وزير التهيئة العمرانية والجماعات المحلية جون ميشال بايلي، ما قد يُفهم على أنه رفع الجزائر "حظْر" زيارات مسؤوليها إلى فرنسا، وربما هو إيذان ب"انفراج" في العلاقات. وتمر العلاقات الجزائرية الفرنسية بفترة برود شديد وتوتّر منذ "حادثة الصوريتين"، واللتين استدعتا حالة "استنفار" رسمية في الجزائر وصلت إلى مقاضاة "لوموند" ومنع صحفيين من دخول البلاد رفقة الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس في أفريل الفارط وانتهت بعدم منح فرنسا مشاريع كبيرة واستثمارات في الجزائر، غير أن ردّ الفعل الرسمي الجزائر لم يرُق قطاعا من الشعب والمعارضة.