صورة من الأرشيف اختتمت الطبعة الثالثة من المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة، ليلة الجمعة في دار الثقافة بميلة. وتميزت السهرة الأخيرة بالبرنامج الذي قدمته كل من فرقة الجمعية العيساوية للمرحوم الحاج الخروبي من عنابة، والتي يقودها الشيخ المنصف بن وهيبة، والبرنامج الذي قدمته فرقة قناوة من القنادسة بشار، يقودها المعلم قندوسي يماني، إضافة إلى فرقتين من سوق أهراس، هما الجزولية وسيدي محمد بن عيسى. * البرنامج العنابي بقيادة المنصف بن وهيبة كان ساخنا كما هي عادة الأداء العنابي، حيث ميزه التحكم التام في النصوص والطبوع والأداء الجماعي الكورالي، سواء من جانب الإيقاع أم الأداء الصوتي أو "التخماس" كما يسمى في العيساوة، الأمر الذي لا يعد جديدا على هذه الجمعية العنابية التي حصلت على الجائزة الأولى في مهرجان سيدي بولبابة في تونس، هذا المهرجان الذي تعود انطلاقته إلى ستينات القرن الماضي. أما فرقة قناوة من القنادسة بشار بقيادة المعلم قندوسي يماني، فقدمت "دخلة" ومجموعة من "البروج" برقصاتها الطقوسية التي يرافقها البخور من الجاوي وغيره، وتتخذ مع كل "برج"، لونا مختلفا يلبسه الراقصون وهم "القناديز" أو "القراقبية"، من الأحمر إلى الأسود إلى الأبيض وهكذا، حيث يرتبط كل "برج" بولي من الأولياء الصالحين أو بالنبي، صلى الله عليه وسلم، أو أحد الصحابة رضي الله عنهم. ولا يتكلم المعلم أثناء "الديوان"، وهي تسمية الحضرة في طقوس قناوة، إلا بلغة وترية هي لغة "القمبري" التي يفهمها "الكويو بونغو" أو المغني، لينتقل من "برج" إلى آخر، بينما يختص "المقدم" بحمل "المحلة"، وهي السلة التي توضع فيها قمصان الرقص وآلاته من سكاكين وحراب صغيرة سوداء. ويلاحظ أن "القناديز" لا يدخلون في الرقص بقمصانهم الملونة إلا بعد أخذ الإذن والبركة من المعلم و"الكويو بونغو" أو المغني. وتفاعل الجمهور الميلي باهتمام بالغ مع الأداء القناوي وطقوسه التي أدهشت الكثيرين من الشباب، خاصة فرقتا سوق أهراس، قدمت كل منهما "دخلة" ومجموعة من "البراول" بالأسلوب السوقهراسي الجميل والساخن في آن، والقريب أيضا من الأداء العيساوي التونسي. وعلى هامش العروض الفنية، ألقى عمر بن عيشة، ممثل وزارة الثقافة، محاضرة تمحورت حول المسار التاريخي للطريقة العيساوية الشاذلية، ودورها الثقافي. وقال بن عيشة إنه "لا يوجد حتى الآن نص تشريعي لضبط ومراقبة الزوايا والطرق الصوفية، حيث إن قانون 90/ 31 المتعلق بالجمعيات لا يتماشى ودور الزوايا العلمية والطرق الصوفية الجزائرية التي أصبح يغلب عليها اليوم الطابع السياسي أكثر من الثقافي، نتيجة لدخول أكثر من طرف على خط هذه المؤسسات، بهدف توظيفها سياسيا لمصلحة هذه الفئة أو تلك، الأمر الذي جعل الكثير من الدخلاء يندسون في صفوف الزوايا وهم ليسوا منها".