مازال الجزائريون يبتلعون عن مضض "مسامير" أزمة أمنية واقتصادية حاكها قادتها السابقون منذ أزيد عن عشرين عاما، ومازالوا برغم الوجع الذي ولد كل أنواع الأزمات يريدون نسيان أسماء المتسببين في أوجاعهم ويرفضون المطالبة بمتابعتهم، * ومع ذلك عاد رئيس أسبق متقاعد ليقول إنه أخطأ عندما لم يسر في درب الذين رفضوا ضباط فرنسا كمستشارين في الثورة، وعاد أيضا جنرال أسبق متقاعد ليقول إن هذا الرئيس الأسبق يتحمل الجزء الأكبر من مأساة الجزائر ويصفه بالهارب، رغم أن الكل يعلم أن لا رئيس حكم في الجزائر فترة أطول من هذا الرئيس المعترف بهفوته، ولا جنرال قاد البلاد وكانت له كلمة عليا فترة أطول من هذا الجنرال الذي كان قاضيا ولم يحكم على هذا (المتهم) الذي وصفه بأنه »فلڤ البلاد وهرب". * ماذا يستفيد الجزائريون اليوم، من هذه الحكايا غير مزيد من الإحباط؟ ما الذي تقدمه هذه الاعترافات وشبه مذكرات من رجال يعيشون الآن زمهرير شتاء العمر لشباب وجد أقدامه على أرض ملغمة بأزمة متشعبة يريد التخلص منها ولو بإلقاء نفسه في البحر؟ * هم الآن في مرحلة استراحة محارب أمضى أزيد عن نصف قرن في تقلد الرتب والنياشين، وهؤلاء الشباب يريدون التخلص من كوابيس الماضي والانطلاق نحو أحلام جديدة، لأننا فعلا فشلنا في كتابة تاريخنا القريب، إذ لم تتحرر المذكرات التي يطل بها علينا بعض الساسة والقادة عن دائرة تمجيد الذات وتصفية الحسابات مع منافسيهم، ليجد القراء، على قلتهم، أنفسهم أمام معصوم زمانه حمل هموم البلاد على رأسه وأنقذها من طواغيت الإنس والجن وحل كل مشاكلها. * الرئيس الأسبق لم يخطىء أبدا في تأييد ضم ضباط فرنسا في مراكز القيادة في زمن الثورة والاستقلال!! * والجنرال الأسبق أيضا لم يخطىء في دعم رئيس قال إنه لا يصلح لقيادة بلاد لمدة ربع قرن!! وقادة اقتصادنا لم يخطئوا عندما حققوا معادلة إعجازية في جعل أفقر شعب في أغنى بلد!! وساستنا وأحزابنا وولاتنا و"أميارنا" ومديرونا العامون كلهم لم يخطئوا.. * المذنب الوحيد والمخطىء الوحيد هو هذا الشعب الذي لا يستحق ما بذلتموه لأجله، فأرجوكم سامحوه!!