الصهاينة يحولون غزة الى خراب ليل غزة كنهارها.. قصف من الجو والبر والبحر على المساجد والمرافق العامة والمدارس والأحياء السكنية ومحاور الاشتباكات.. واحتجاز جثث الشهداء والجرحى تحت وابل من القذائف والرصاص ومنع طواقم الإسعاف من التحرك.. مشهد تجسد فصوله قساوة وعنفا.. تختبر فيه ما توصلت اليه من تقنية عسكرية فيما اصبح واضحا فشل الحملة العسكرية سياسيا واستراتيجيا.. لقد صبت إسرائيل على رأس غزة آلاف الأطنان من المتفجرات ودمرت المنازل وعاثث في الأرض فسادا ما بعده فساد. * * إسرائيل تستخدم نصف سلاحها الجوي ضد غزة * * هذا وقد كشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي مساء أول امس النقاب عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم في حربه على غزة التي اندلعت منذ 22 يوما نصف سلاحه الجوي، وأنه نفذ ما لا يقل عن 2500 غارة خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة. * وأوضح المراسل العسكري للقناة الإسرائيلية أن الطائرات العسكرية الإسرائيلية وحدها ألقت على غزة مليون كيلو غرام من المتفجرات (ألف طن)، مشيراً إلى أن هذا الوزن لا يدخل في هذا الحساب البتة ما أطلقته المدفعية والدبابات والمشاة في الألوية البرية والمدمرات وسفن الصواريخ في سلاح البحرية الإسرائيلي. * لم يتوقف القصف الجوي لأحياء مدينة رفح ومخيماتها طيلة الليلة الفائتة وذلك شأنها شأن مدن قطاع غزة ومخيماتها وقراها، حيث تواصل القصف على احياء مدينة غزة، قصفت مدفعية قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح السبت، مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة بالقذائف الفوسفورية الحارقة. * وقال شهود عيان أن القصف المركز الذي استهدف مدرسة "ذكور" بلدة بيت لاهيا "أ" التي تعد مركزا لإيواء مئات المواطنين المشردين بفعل العدوان، مما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى بالإضافة لإحتراق عدد كبير من الغرف الصفية بالمدرسة. * وتواصلت الغارات الاسرائيلية على مختلف ارجاء قطاع غزة، وتركزت في شمالي القطاع وجنوبه، ففي منطقة الكرامة شمال مدينة غزة اسفرت احدى الغارات بالقنابل الفوسفورية الحارقة عن استشهاد اربعة مواطنين عثر عليهم المسعفون وهم مغطون بمادة بيضاء وقد تشوهت ملامحهم واحترقت اشلاؤهم، وقال شهود عيان إن القصف في منطقة الكرامة استهدف شقة في البرج السكني الذي يحمل رقم واحد، وأن الشهداء وجدوا - بعد جهد كبير- حيث كانت أجسادهم مقطعة إلى أشلاء وتغطي جثثهم مادة بيضاء ويأتي هذا التصعيد في جنوب القطاع مع اشتداد الغارات التي تستهدف الأنفاق برفح بعشرات القنابل والصواريخ ما اسفر عن نزوح عشرات العائلات من تلك المنطقة الى المدينة والمدارس. * "يتعرض الأطفال إلى الألم مع مرور كل يوم، وتصاب أجسامهم الصغيرة وتدمر حياتهم الفتية. إنهم ليسوا مجرد أرقام. إنها أحداث تتحدث عن توقف حياة الأطفال... لا يستطيع أي شخص أن يشاهد ذلك بدون التأثر... لا يمكن لأي أب أو أم أن يرى ذلك دون أن يتصور فلذة كبده في نفس المشهد. انه أمر مأساوي"، كلمات السيدة آن فينيمان، المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسيف، وطبقا لمنظمة هيومان رايتس واتش، استخدام الفسفور الأبيض في مناطق مكتظة بالسكان يخالف متطلبات القانون الإنساني الدولي الذي يدعو إلى استخدام كافة الاحتياطات لتجنب إصابة المدنيين والوفاة. * منذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة بتاريخ 27 يناير وحتى الآن قد اعلن عن استشهاد 1210 فلسطيني وجرح أكثر من 5300 طبقا لوزارة الصحة الفلسطينية. لقد أدى العدوان الإسرائيلي إلى دمار كبير للمنازل والبنية التحتية العامة، والى تهديد خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الطبية. فلقد قصفت مدراس الأممالمتحدة التي وفرت مأوى للنازحين من منازلهم، وقتل عاملين في المنظمات الإنسانية ودمرت سيارات الإسعاف، وقد قتل 12 فردا من الطواقم الطبية من قبل القوات الإسرائيلية، وعلق المرضى والجرحى بدون تلقي المساعدة الضرورية. ونزح ما يقرب من 90,000 شخص من منازلهم. فلغاية 17 يناير ما يقرب من 32٪ من الوفيات هي من الأطفال (346). وجرح ما يقرب من 1709 أطفال، وبعضهم تعرض إلى جراح متعددة، ارتفعت معدلات الوفيات في صفوف الأطفال بنسبة تزيد عن 34٪. * وصرح وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية السيد جون هولمز: "إن الوضع بالنسبة للسكان المدنيين في غزة مخيف ومروع والأثر النفسي، خاصة على الأطفال وأهلهم الذين يشعرون بالعجز عن حماية أطفالهم. انه وضع الذي يحصل فيه المدنيون على فترات قصيرة جدا من الهدوء وحيث لا يجدون أي مخرج بسبب إغلاق الحدود والمعابر". * يوجد ما يقرب من 800,000 طفل في غزة ويشكل الأطفال ما نسبته 56٪ من سكان القطاع وهي منطقة تعتبر من المناطق الأشد ازدحاما في العالم. * بعد إخلاء 18 جريحا فلسطينيا بتاريخ 7 جانفي، مازالت طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني غير قادرة على دخول حي الزيتون بسبب غياب الموافقة الإسرائيلية. ومضى على الحادثة تسعة أيام منذ استهداف المنطقة لأول مرة؛ ويوجد عدد غير معروف من الجرحى والجثث في تلك المنطقة. * وتحدثت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن حالات توجد فيها جثث لأشخاص قتلوا في فترة ولم تتوقف الأمور عن حد مهاجمة الطواقم الطبية، بل تعداها الى منعهم من أداء أعمالهم، تتسلم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ما معدله 130 نداء لإخلاء الجرحى في اليوم. العديد من المناطق المغلقة تتطلب الموافقة الإسرائيلية لدخولها. * وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنها تحتاج الى ما لا يقل عن ست ساعات للحصول على الموافقة للدخول إلى المناطق المغلقة لإخلاء الجرحى الفلسطينيين، وهذا فقط في حال استجابة وموافقة الإسرائيليين لإجراء عملية الإخلاء. * تسارع معدل نزوح الفلسطينيين من منازلهم بحثا عن مأوى في مرافق الأونروا بعد العملية البرية التي بدأت بتاريخ 3 يناير وتشير تقديرات مركز الميزان لحقوق الإنسان أن هناك 80,000 - 90,000 نازح، بما يتضمن 50,000 طفل. * لقد تعرضت العيادات والمراكز الصحية في مناطق مختلفة من قطاع غزة الى قصف مباشر او الى حرمانها من امكانية تأديتها لرسالتها وعدم القدرة على استيعاب عدد الجرحى.. ومواجهة انواع خطيرة من القنابل. * ان توقف برنامج التطعيمات ونقص المياه الآمنة والضرر الذي لحق بأنظمة الصرف الصحي والكثافة السكانية تزيد إلى حد كبير من مخاطر انتشار الأمراض. كما ان تدفق مياه الصرف الصحي في بيت حانون وبيت لاهيا قد تفاقم بسبب المخاطر الأمنية المتزايدة، حيث لم تتمكن الأونروا من توفير الوقود إلى محطة بيت لاهيا لمعالجة المياه العادمة من أجل تخفيف الضغط على أطراف بركة مياه الصرف الصحي. هناك مخاطر تتهدد ما يقرب من 15,000 شخص. وقبل عامين، قتل خمسة أشخاص وشرد 2,000 شخص عند فيضان البركة. إضافة إلى مخاطر الفيضان، تشكل مياه الصرف الصحي مخاطر جدية من انتشار الأوبئة.. * وتفيد التقارير بأن 60٪ من سكان غزة يعيشون بدون كهرباء والبقية تتعرض الكهرباء لديهم الى تقطع مستمر.. كما أن كثيرا من الضرر قد لحق بأنظمة المياه والصرف الصحي الذي لم يتم إصلاحه بسبب الخطر في الوصول إلى الخطوط المدمرة. الكثير من مضخات المياه والمياه العادمة لا تعمل حاليا بسبب نقص الكهرباء وإمدادات الوقود لتشغيل المولدات الاحتياطية وقطع الغيار. * * الاشتباكات وصواريخ المقاومة لم تتوقف * * فيما لم تتمكن القوات الإسرائيلية التغلغل في أي من المحاور الرئيسية لمدينة غزة او المدن الفلسطينية الأخرى في القطاع واضطرت في كثير من الأحيان للتراجع امام شراسة المقاومة التي حسب اعترافات الجنود والضباط الصهاينة كانت تفجر امام الآليات الصهيونية الغاما مفاجئة وقد اتقنت حرب الشوارع والعصابات.. هذا وقد اعلنت اسرائيل ان جنديا اسرائيليا اصيب بجراح متوسطة في غزة فجر امس السبت. * حسب ما ورد في الاذاعة الإسرائيلية ان اليوم ال 22 من العملية المتواصلة على القطاع ان جنودها قصفوا 50 هدفا منذ ليلة أول امس في غزة، من بينها 16 نفقا ومسجدين و3 مخازن تحت الأرض و8 قواعد للصواريخ و6 مناطق مفخخة على حد تعبيرها. * واعلنت اسرائيل ان 10 صواريخ سقطت جنوب اسرائيل اطلقتها المقاومة الفلسطينية منذ فجر امس، 3 على النقب الغربي، احدها اصاب مبنى فارغا بين مستوطنتي نتيفوت واوفاكيم أوقع أضرارا مادية و2 في منطقة مفتوحة في النقب الغربي، اضافة الى 4 صواريخ على النقب.. فقد اعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس، مسؤوليتها عن اطلاق صاروخين من طراز "غراد" على مستوطنة اوفاكيم، كما واعلنت مسؤوليتها عن تفجير عبوة ناسفة بدبابة بالمغراقة واستهداف قوة اسرائيلية هناك. * * محللون إسرائيليون يكشفون: لقد فشلت الحملة على غزة * * تتوالى اعترافات المحللين في الصحف الإسرائيلية، بأن الحرب على غزة، سيكون مصيرها الفشل الذريع، ولن تضع حدا لحكم "حماس" لقطاع غزة، ولم يترددوا في توجيه أبشع الأوصاف لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بأنه جيش لا انساني.. * دوف فايسغلاس مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون، اعترف بأنه لا يمكن لقوات الاحتلال أن تنهي حكم "حماس" في قطاع غزة، بل الأمر صعب للغاية وغير قابل للتحقق. * وكتب في "يديعوت أحرنوت" يقول: "الهدف النهائي لإسرائيل في سياق غزة هو إجهاض وإبعاد "حماس" عن الحكم ، لكن الأمر غير قابل للتحقق بوسائل عسكرية، وهناك ضرورة لوقف الحرب على غزة باعتبارها فاشلة، والعقاب الوحيد الكفيل بإخضاع غزة و"حماس" يكون من خلال "إغلاق اقتصادي" كي تدفع الفلسطينيين لمواجهة "حماس"، والإغلاق أمر أليم ولكن ضرره ليس سيئا كالقصف من المدافع أو الطائرات". * الكاتب جدعون ليفي طالب بوقف "الجنون وجشع الانتقام في غزة"، وكتب يقول: "يتوقف على أحد أن يوقف هذا الجنون الهائج حالا وفورا، حتى الآن لم يقرر المجلس الأمني المصغر في إسرائيل المرحلة الثالثة من العملية العسكرية، وعاموس جلعاد يتفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار، ويبدو أن نهاية الحرب قريبة، إلا أن الصورة تبدو متناقضة، فالشوارع في غزة بدت أمس الأول كحقول دمار بقوة تضاعف المرحلة الثالثة من الحملة العسكرية". * وأضاف: "تتهرب إسرائيل من مسؤولياتها بغطرسة قاطعة من قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، في الوقت الذي تشتعل النيران في مخازن تموين الاحتياط في غزة، كذلك يعلو الدخان الكثيف من داخل مخازن وقود الاحتياط في غزة، ويركض المواطنون في شوارع غزة في حالة هلع وفزع، وهم يحملون حقائبهم وأولادهم، ولا أحد من رجال السياسة ظهر بينهم، فقط المواطنون التعساء الذين لا يملكون أي مكان يهربون إليه، ولا أحد يسأل ما هو الهدف المهم والهدف الكبير الذي تم انجازه باستثناء القتل والدمار وقتل أكثر من ألف مواطن في غزة، وسقوط صواريخ جنوب إسرائيل".