شهدت عديد من المكاتب البريدية عبر أكثر من 10 ولايات بالوطن منذ شهر رمضان الماضي عمليات سحب مشبوهة بمبالغ مالية متفاوتة تراوحت ما بين 2 و50 مليون سنتيم، وذهب ضحية هذه العمليات عديد من زبائن مؤسسة بريد الجزائر حيث قدرت مصادر أمنية عدد السحوبات التي تمت عبر الولايات المعنية بأكثر من 75 سحبا بلغت قيمتها المالية الإجمالية ملايين السنتيمات. * ولحد الساعة لم يتم تحديد العدد النهائي لهذه العمليات ولا المبلغ التا مالذي سحب خلالها في انتظار استكمال التحقيقات عبر عديد من الولايات والتي تعد الأولى من نوعها بالنسبة لمصالح الأمن الجزائرية وبريد الجزائر. * وكان أمن ولاية عنابة قد أوقف في أواخر شهر جانفي الماضي شخصا في 31 من العمر عثر بحوزته على بطاقات تعريف مزورة، حيث وجهت له تهمة التزوير واستعمال المزور ليتبين بعدها أن المعني كان ملاحقا من قبل عناصر أمن ولاية الطارف بتهمة الإحتيال على مصالح بريد الجزائر وقيامه بعدد من السحوبات على حسابات شخصية لزبائن من ولايات مختلفة باستعمال وثائق قانونية يجهل لحد الساعة مصدرها وكيفية الحصول عليها. * وحسب المعلومات المتوفرة فإن الشخص المعني كان يتقدم من مكاتب البريد بصكوك قانونية وبطاقات تعريف أو رخص سياقة لأصحاب الأرصدة تحمل صورته شخصيا بالإضافة إلى قيامه بتقليد إمضاء صاحب الرصيد بدقة متناهية، وهو ما كان سببا في تمرير حيلته عبر كامل مكاتب بريد الجزائر التي تقدم إليها لسحب الأموال منها، حيث أكد معظم الذين استمع إليهم الأمن من رؤساء مكاتب وموظفين ببريد الجزائر أن الكشف عن تزوير تلك الوثائق يعد من المستحيلات بالنظر إلى الطريقة الإحترافية التي اتبعها ذلك الشخص ومعرفته بأصحاب الأرصدة وقيمة الأموال المودعة بها، وهي عمليات استبعدت كثير من المصادر الأمنية فرضية قيام المتهم الوحيد المقبوض عليه بأمن عنابة بتنفيذها لوحده، حيث رجحت هذه المصادر أن يكون له شركاء في شكل شبكة منظمة يتكفلون بمهام مختلفة، حيث يكون له شريك بإحدى دوائر الوطن يتكفل بعملية استخراج وثائق الهوية الخاصة بالضحايا كبطاقات التعريف ورخص السياقة بالإضافة إلى مساعد آخر على مستوى بريد الجزائر مهمته إيجاد الأرصدة المتخمة بالأموال واستخراج إمضاءات أصحابها لتقليدها للتمكن من سحب مبالغ ضخمة تتطلب الإمضاء الأصلي لصاحب الحساب مثلما تنص عليه تعليمات مصالح بريد الجزائر، ورجحت نفس الفرضيات أن يكون هناك شريك آخر في العملية مهمته توفير الصكوك وهي النقطة التي تنتظر التأكيد خصوصا وأن المتهم أقدم في بعض الحالات على استعمال صكوك تأكدت مصالح الأمن من أصليتها، فيما استعمل خلال عمليات السحب ب20 ألف دينار صكوك النجدة التي تمنحها مصالح بريد الجزائر للذين نفذت منهم الصكوك أو يضطرون لسحب أموالهم بعيدا عن مقرات سكنهم، وقد قدم المحتال خلال هذه العمليات بطاقات تعريف مختلفة وأبقى على صور طبق الأصل لها كضمان. وحسب المعلومات الأولية المتوفرة حول القضية فإن المتهم الموقوف مطلوب للتحقيق في أكثر من 10 ولايات من بينها العاصمة، قسنطينة، عنابة، أم البواقي، الطارف، سوق أهراس وتبسة والوادي أجرى بها حسب التحقيقات الأولية ما يفوق 75 عملية سحب مست أرصدة تحوي مبالغ كبيرة، حيث استولى بعد ثلاث عمليات فقط على 76 مليون سنتيم من رصيد شخص مقيم بوادي سوف بعد سحبه لمبلغ 50 مليون سنتيم من بريد الطارف و26 مليونا على دفعتين من مكتبين مختلفين بالطارف. وحسب مصادر من بريد الجزائر فقد نفذ هذا المحتال 13 عملية سحب بمكاتب الطارف وحدها في ظرف يومين فقط بمبلغ 2 مليون سنتيم للسحب الواحد. * وقد أحالت مصالح أمن ولاية الطارف على وكيل الجمهورية لدى محكمة الطارف بداية هذا الشهر تسعة أشخاص بداعي التورط في هذه القضية من بينهم فتيات كن على علاقة بالمتهم الموقوف قيل إنها غرامية بحتة، فيما تم إتهام عدد من موظفي بريد الجزائر بالإهمال بسبب عدم تدقيقهم في مراقبة الوثائق التي قدمها المعني لسحب الأموال وكذا منحهم لمبالغ كبيرة بسرعة فائقة بعد أن قامت إدارتهم بفرض عقوبات عليهم تمثلت في إرغامهم على إعادة المبالغ التي سحبت من الأرصدة بالتساوي فيما بينهم، حيث دفع هؤلاء 17 مليون سنتيم لكل واحد وهو ما اعتبره موظفو بريد الجزائر إجحافا في حق هؤلاء على اعتبار أنهم لم يرتكبوا أي خطأ مهني ولم يخالفوا القوانين المسيرة لمؤسستهم، مؤكدين أن زملاءهم لم يكن بمقدورهم معرفة أن المعني محتال ويحمل وثائق مزورة بالنظر إلى كونها أصلية ومتقنة، بالإضافة إلى أن سقوط المحتال في قبضة الأمن هو تبرئة لذمتهم من تهمة الإهمال.