على اليمين المؤرخ صادق سلام يرد على دليل بوبكر زار المؤرخ الدكتور صادق سلام مقر جريدة الشروق خصيصا للحديث على خلفية تصريحات عميد مسجد باريس دليل بوبكر للمجلة الإسرائيلية التي اعتبرها المؤرخ خطيرة.. * خاصة فيما تعلق بتصريح بوبكر بخصوص حق إسرائيل في الأرض الفلسطينية. واعتبر صاحب كتاب "فرنسا ومسلموها" الصادر بباريس سنة 2006 ، تكذيب دليل بوبكر لتلك التصريحات، مثلما نشرته "الشروق"، خال من الشرعية ولا يعتد به لأنه لم ينشر في المجلة المعنية. بل ذهب صادق سلام أبعد من ذلك باعتبار الحديث عن مقاضاة المجلة فرصة لابتزاز الجزائر لطلب مدد مالي، خاصة وأنها الممول الوحيد لمسجد باريس ب100 بالمائة. وطالب بتحرك السلطات لمساءلة دليل بوبكر حول حقيقة تصريحاته لأنها تدفع له راتب سفير، ولمزيد من التفاصيل في الموضوع أدلى لنا بهذا الحوار. * * - لكم ما تقولونه في موضوع تصريحات دليل بوبكر للمجلة الإسرائيلية؟ * * في العرف الإعلامي لا يوجد صحفي يفتري على محاوره 100 بالمائة، وهناك احتمال كبير أن يكون الكلام الذي ذكر واردا، والتفنيد الذي ذكره دليل بوبكر لا يمكن الاعتداد به لأنه كان للاستهلاك المحلي الجزائري، وكان يمكن أن يكون له مصداقية لو نشر في نفس الصحيفة التي نشرت الحوار. * وأضيف لكم أن الرأي العام الفرنسي لم يطلع على التفنيد الذي نقلته الصحافة الجزائرية ولا زال يعتمد التصريحات التي نشرت في المجلة الإسرائيلية. * وقد سبقت تجارب مثل هذه عندما أعلن دليل بوبكر للصحافة استقالته من منصب رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وقام بعده مسجد باريس بالتفنيد عن طريق بيان صحفي. * * -لكن عميد مسجد باريس لم يفنّد فحسب بل أكد قطع علاقته بجمعية الصداقة الإسلامية اليهودية * لم يحصل أن استقال دليل بوبكر من جمعية الصداقة الإسلامية اليهودية، فذلك ليس صحيحا ولا زال هو رئيسها الشرفي إلى حد اليوم، وما حصل في الاعتداء على غزة هو استقالة مساعده جلول صديقي من جمعية الصداقة بسبب توقيف ميزانية شهرية كانت تدفع للجمعية من قبل مسجد باريس، ولم يكن ذلك تضامنا مع غزة مثلما يقولون. * بل لابد أن يعلم الجمهور أن جلول صديقي المكلف بالإعلام في مسجد باريس كوّن وفدا من المسلمين يتوجه في 21 جانفي من كل سنة لزيارة أوشبيتز (معتقل ألماني في بولندا) حيث قتل اليهود، لكن كثيرا من الجمعيات رفضت الخطوة. * * - هل من التزام بين المسجد كهيأة وإسرائيل تدفع دليل بوبكر لتلك التصريحات؟ * * سبب مجاملته لإسرائيل في القضية الفلسطينية هو كونه لا زال متمسكا بخطة والده أكثر مما هو متمسك بالالتزامات الدبلوماسية الجزائرية في الشرق الأوسط وحتى فرنسا. * فلو أكمل الرئيس بوتفليقة عهدته الجديدة إلى نهايتها لن يستطيع أن ينافس دليل في مدة ولايته على رأس المسجد التي تدوم منذ 1993. * وقد اختار معسكره بهذه التصريحات رغم تفنيداته غير المقنعة، لأن الجزائر لا تنتمي لمحور الاعتدال العربي كي يكون تصريحه عاديا، والمفروض أن تستفسر السلطات من عميد مسجد باريس. * وسبق لدليل بوبكر إرسال رسالة تأييد لزوسبان عقب رجمه من قبل الطلبة الفلسطينيين، وأدان الفلسطينيين في الرسالة التي بعثها من بيته دون استشارة السفارة الجزائرية. * * -إذن يمكن القول بأن تلك التصريحات تنم عن خلفية سياسية؟ * * أفسر تصريحاته الأخيرة بوجود مبادرات فرنسية لإنشاء المجلس التمثيلي للهيئات الاسلامية بفرنسا "الكريف" وهو مؤسسة إسلامية موازية "للكريف" اليهودي، ويريد من تصريحاته مغازلة هذا الأخير ليستفيد من نفوذه ومن أجل التقرب أيضا من الرئيس ساركوزي. * ومقاضاة المجلة الإسرائيلية مثلما تحدث عنه دليل بوبكر هو مبرر لطلب تمويلات إضافية لتكاليف المحامين، وهو سيطلب مددا ماليا من الجزائر من أجل محاميه المعروف بمناصرة إنشاء "الكريف" الإسلامي. * * -هل من صلة بين هذا "الكريف" ومسجد باريس؟ * * المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية في فرنسا، ذو طابع سياسي، أصبح حليف مسجد باريس منذ وصول دليل بوبكر، وهو ليس في مكان المحاور في الأفكار فقط مثلما يظنه الجميع إنما حليف حقيقي له. ودليل هو من سنّ هذه الخطة اقتداء بوالده حمزة الذي عين وسيطا للتعامل بين هيأة المسجد والشرطة لملاحقة مناضلي جبهة التحرير الوطني، وهو من خلف العميد أحمد بن غبريط منتصف ماي 1957، وحمزة نفسه هو من قبل التعامل مع هيئات الشرطة لملاحقة جبهة التحرير، بعدما دخل في خلاف مع سي العربي رئيس طريقة الأبيض سيدي الشيخ بالبيض التي ينتمي إليها. * وكان حمزة يتعامل مع الشرطة من أجل محاربة الثورة وكان في 1960 ينادي بفصل الصحراء عن الجزائر لتبقى مملكة مستقلة تابعة لفرنسا يكون هو ملكا عليها، وقد كتب المثقف عبد العزيز الخالدي مقالا في مجلة الثورة الإفريقية عن قصة تعيين حمزة بوبكر من قبل أبال توما. * * وما هي العلاقة الحقيقية بين الجزائر ومسجد باريس وعميده؟ * * الجزائر تمول مسجد باريس 100 بالمائة وتمنح دليل بوبكر راتب سفير رغم تكوينه الديني الضعيف جدا، وقد تكفلت بهذا بالاتفاق مع جمعية الأحباس التي تشرف على المسجد وتعين العميد. * والمفروض أن تطلب منه استفسارات عندما يخرج مثل هذه الخرجات. وهو يتقاضى راتب سفير من الجزائر ولو تحدث سفير بتصريحات وعادية لمواقف الجزائر السياسية والدبلوماسية لتمت محاسبته، فكيف تتغاضى السلطات عن عميد مسجد باريس؟. * مسجد باريس ليس له علاقات، وحمزة ورث صدمة 1980 عندما أوقفت الحكومة الفرنسية التمويل، 1982 تفاوض حمزة مع الحكومة الجزائرية، وقال لهم أسلم لكم المعهد وهو وهمي وأبقى نفسه على رأس الجمعية الأحباس. * 1992 عندما عين تجيني هدام أصبحت فرنسا تشترط تعيين عميد من جنسية فرنسية. * وقد اقترحت فرنسا تنشيط المعهد واقترحت ميزانية 20 مليون فرنك فرنسي بتجنيد 5 وزارات، لكنه رفض المقترح الفرنسي لمصالح عائلية وأسباب شخصية وحرم الجالية الإسلامية من هذه المؤسسة. والحقيقة أن مسجد باريس هو بيروقراطية تسيّر الشؤون الدينية بثقافة ضعيفة جدا. * * هل توجد إذن دوافع خفية وراء تصريحات دليل بوبكر؟ * * مثلما هو معلوم تتحمل الخارجية الفرنسية واجب تعويض الممتلكات الوقفية للمسلمين في القدس وفقا للاتفاق مع إسرائيل، ودليل بوبكر يطمع في التعويض عن تلك الأوقاف باسم طريقة الأبيض سيدي الشيخ. وبما أن التعويضات ستدفع لمسلمي فرنسا يحلم بالتالي بنصيب منها ودور في تسييرها. * وقد اتجه لهذا التفكير بعد فشل أطماعه في تعويض جمعية الاحباس عن ممتلكاتها في مكة والمدينة المقدر سنة 1969 بمليار سنتيم لأن الأمير فيصل لم يعترف بتلك الجمعية التابع لها مسجد باريس.