تحوّلت السواطير في الآونة الأخيرة إلى أكثر الأسلحة البيضاء استعمالا من طرف بعض الجزائريين في تصفية خلافاتهم وارتكاب جرائمهم، وكأن الخناجر لم تعد تفي بالغرض الإجرامي المطلوب، فأضحت مجرد أساطير قديمة في مقابل السيوف والسواطير؟!.. ولسان مستعمليها، يقول: "أليست كلها أسلحة.. بيضاء، في الجزائر.. البيضاء؟! * * الأكيد هنا، أن اللون لا يطابق الوظيفة، تماما مثل طبيعة الحكومات والأنظمة التي تقول شيئا وتفعل عكسه، ليس لأنها حكومات وأنظمة متناقضة، معاذ الله، ولكن لأننا شعوب لا تعرف مصلحتها ولا تقدر تلك السياسات والاجتهادات المطبقة عليها، وبالتالي.. نعيب حكوماتنا والعيب فينا، وما لحكوماتنا عيب سوانا؟! * سواطير الشعب في مواجهة أساطير الحكومة، تتجلى أيضا في انتعاش العنف المجتمعي ضمن أكثر المراحل والحقب السياسية في البلاد التي تتغنى بالسلم جاعلة إياه عنوانا مركزيا وشعارا لا تُسقطه أي شعارات أخرى، وكأننا نستنسخ الشيء ونقيضه في الآن ذاته، ونمارس إزدواجية عبثية على أنها المسار الصحيح والطريق القويم؟! * نواقض الحكومة هنا، أخطر من نواقض الوضوء"؟!"، فالتغني بالسلم السياسي مقابل السكوت عن العنف المجتمعي أو التهاون في محاربته، يجعلنا نعتقد أن كثيرا من المفاهيم السياسية والأمنية التي كانت سائدة منذ العشرية السابقة مآلها الزوال، فالعنف الخطير اليوم لا يأتينا من الجبال بل يخرج من البيوت والأحياء، الراقية منها قبل الشعبية !؟ * الواقفون وراء انتعاش ثقافة السيوف والسواطير في المجتمع، يتمددون في أكثر من ولاية وجهة، ويتخذون من كل الأسباب ذريعة للمتاجرة بالأرواح والدماء، ويتطلعون دوما لعفو النظام في المناسبات الرسمية والوطنية،"..." وعليه، أليس هؤلاء المتصرفون بأمر القبيلة والعرش حينا، أو بأمر المافيا حينا آخر، أخطر من أولئك العابثون بلا هدف، والمشردون في الجبال منذ سنوات، ألا تعتبر الفئة الأولى خزانا دمويا مستمرا، وموردا بشريا هاما للفئة الباغية الثانية؟! * قبل فترة، فشلت بعض الجهات الملحقة بالحكومة، من فعاليات المجتمع المدني، في توزيع "علم وطني في كل بيت"، بسبب فساد بعض الموزعين، لكن المافيا النائمة في أحضان المجتمع، لم تفشل أبدا في تطبيق سياسة "ساطور في كل بيت" إلى درجة أصبح فيها هذا السلاح الأبيض، الأكثر حضورا من أي شيء غيره، وتلك هي المعضلة المؤجلة والفتنة المعلقة حتى إشعار آخر؟!.