كشفت وسائل إعلام سويسرية، خلال اليومين الماضيين، تفاصيل مثيرة حول قضية فرار أبو جرة سلطاني وزير الدولة السابق ورئيس حركة مجتمع السلم من الأراضي السويسرية، فور بلوغه أنباء مؤكدة عن صدور مذكرة اعتقال بحقه من طرف السلطات القضائية في سويسرا. * * وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "لوماتان" السويسرية على موقعها على شبكة الانترنت، أول أمس، تفاصيل قصة "ليلة محاولة القبض على أبو جرة"، عندما قالت في مقال بعنوان "أبو جرة سلطاني يهرب"، إن القضية بدأت الأسبوع الماضي، عندما تلقت السلطات السويسرية أنباء حول اعتزام أبو جرة زيارة فريبورغ بغرض إلقاء محاضرة هناك. قبل أن تضيف نفس الصحيفة نقلا عن قاضي التحقيق في فريبورغ، جون لوك موزر، قوله أنه تلقى شكوى ضد أبو جرة سلطاني بتهمة التعذيب يوم الإثنين من الأسبوع الماضي. * وبعدما جرى التأكد من طرف القاضي من أن المشتكى منه لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، قرر القاضي سماع أقوال صاحب الدعوى أنور مالك، بحضور طبيب نفساني، ل"إضفاء المصداقية على مزاعمه واتهاماته"، ليقتنع القاضي في الأخير بضرورة إصدار أمر بالقبض ضد أبو جرة سلطاني، وهو الأمر الذي جرى تكليف الشرطة السويسرية به. * ونقلت نفس الصحيفة عن محامي أنور مالك، وهو أحد الناشطين في مجال مناهضة التعذيب، قوله "إن قاضي التحقيق حاول تجنب قضية سياسية مماثلة لقضية نجل القذافي"، في إشارة إلى الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين ليبيا وسويسرا عندما أصدر القضاء السويسري مذكرة اعتقال بحق نجل القذافي بتهمة التعذيب وسوء المعاملة. * من جهتها، تساءلت صحيفة "لاليبرتي" السويسرية، في مقال نشرته أمس عما إذا كانت السلطات السويسرية تعمدت السماح لأبي جرة بالفرار من الأراضي السويسرية برا، لتجنب أزمة دبلوماسية مع الجزائر، على خلفية أن أبو جرة شغل منصب وزير دولة قبل أن تخوض في تفاصيل مهمة حول كيفية فرار هذا الأخير بحيث قالت إنه شوهد آخر مرة في مسجد بجنيف يوم الجمعة، أي قبل يوم واحد من اعتزامه السفر إلى منطقة "لاك نوار" في فريبورغ، أين كان أمر القبض عليه في انتظاره. * وأضافت الصحيفة في معرض سردها لعملية فرار أبو جرة، بالقول أن سلطاني غادر جنيف يوم الجمعة مرفوقا بامرأة وحاملا معه أمتعته، ليغادر سويسرا برا، ويدخل التراب الفرنسي عبر مدينة ليون التي غادرها باتجاه الجزائر. * وفي شق آخر، قالت نفس الصحيفة إن أبو جرة سلطاني لم يشعر مطلقا منظمي المحاضرة التي كانت ستنظم في فريبورغ حول الأسرة المسلمة بغيابه، وتخلفه عن المشاركة. * كما سلطت نفس الصحيفة الضوء على الجهات التي ساهمت في تمكين أبو جرة الفرار من الاعتقال، حيث نقلت الصحيفة عن محامي أنور مالك قوله إن مصالح القنصلية الجزائرية في سويسرا هي التي كانت وراء إبلاغ أبو جرة بصدور أمر الاعتقال في حقه، "لكن من أين تحصلت هذه الأخيرة على تلك المعلومات؟"، تتساءل نفس الصحيفة، قبل أن تشير بأصابع الاتهام بشكل غير مباشر باتجاه مصالح وزارة الخارجية السويسرية، خصوصا وأن هذه الأخيرة جرى استعلامها من طرف السلطات القضائية عما إذا كان أبو جرة يتمتع بالحصانة أم لا. * وحسب "سويس آنفو" لم ترد وزارة الخارجية رفض أو تأكيد تدخلها في هذه القضية، وأجاب أندرياس شتوفر، الناطق باسم الخارجية: "لا تعليق لدينا على هذا الموضوع، يمكنكم الإتصال بالجهات القضائية". * ورغم أن منظمة Trial المكافحة لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والتعذيب تأسف لكون السيد السلطاني قد عاد لبلاده قبل أن يستمع إليه القضاء السويسري في الدعوى المرفوعة ضده، فإنها حيت مع ذلك ما اعتبرته "جدية من القضاء السويسري في الوفاء بالتزاماته الدولية، وذلك بقبوله فتح تحقيق ضد شخص متهم بارتكاب ممارسات تعذيب" مثلما جاء في البيان الصادر عنها. * وكما هو معلوم فإن سويسرا، وطبقا لنصوص "اتفاقية مكافحة التعذيب" الأممية، التي صادقت عليها سنة 1987، ملزمة بإيقاف كل شخص متهم بممارسة التعذيب، حتى في صورة قيامه بمثل هذه الإنتهاكات خارج الأراضي السويسرية.