تغير الخطاب العدائي المصري ضد الجزائر من النقيض إلى النقيض بمجرد بداية الحكومة الجزائرية لسلسة من الإجراءات الاقتصادية تهدف لحماية مصالحها العليا وحماية المؤسسات والشركات العمومية والخاصة التي تضررت من المنافسة غير الشريفة من طرف المؤسسات المصرية العاملة في الجزائر وعلى رأسها شركة أوراسكوم للاتصالات التي استفادت من تسهيلات قياسية غير قانونية لم تمنح حتى للمتعامل التاريخي "موبيليس" فضلا عن الامتيازات والإعفاءات الضريبية والجمركية التي استفادت منها السلع والمنتجات المصرية في إطار المنطقة العربية للتبادل الحر التي شهدت دخول الجزائر إليها في الفاتح جانفي من السنة الماضية. * وإذا كان القرار الجزائري يشمل البلدان العربية دون استثناء، فإن مصر وتونس تبقيان أهم دولتين معنيتين بالإجراء المطبق من قبل الجزائر والمتعلق بتحديد قائمة1141 موقع جمركي غير معنية بالإعفاء والمرشحتين لدفع فاتورة تنامي موجة "القومية الاقتصادية الجديدة" في الجزائر، وهو القرار الذي يهدف حسب الوزير الأول أحمد أويحيى الذي بارك القرار إلى توفير مهلة إضافية للمنتجات الجزائرية وشركات الإنتاج التي تنتج مواد مشابهة، وقد تمتد المهلة إلى غاية 2013. * * وستكون مصر معنية بصادرات الزيوت والخضر والسكر إضافة إلى الزجاج والمعادن والمنتجات الكهربائية من خلال شركة السويدي كابل والكهرومنزلية عن طريق العديد من الشركات المصرية المتخصصة في إعادة تجميع منتجات كهرومنزلية صينية أو تجميع حافلات المرسيدس وتصديرها إلى الجزائر. * * وحاولت القاهرة لعب ورقة التهدئة، ولكن العارفين بخبايا العلاقات بين البلدين، لم يخفوا تأكيدهم على أن مصر تلعب في الوقت بدل الضائع، أي أنها لم تكن لتتراجع لولا تأكدها من انقضاء شهر العسل الذي كانت تتمتع به في الجزائر، وتحول ذلك لصالح بلدان عربية واستثمارات أكثر مصداقية وأكثر شفافية وبعيدة كل البعد عن إتباع معروفها "بالمَن والأذى" مثل الذي بدر من القاهرة عقب مباراة كرة قدم جرت بين منتخبي البلدين. * * وكشف رئيس قطاع نقطة التجارة الدولية، أن قيمة الصادرات المصرية نحو الجزائر بلغت 147 مليون دولار، أي بنسبة زيادة بلغت حوالي 140 بالمائة سنة 2009، وبعد الضغوط التي تعرضت لها شركات مصرية في الجزائر ومنها شركة أوراسكوم للاتصالات، سارع الرئيس المصري حسني مبارك الذي تربطه علاقات وثيقة جدا بعائلة ساويرس، إلى القيام بجولة خليجية موسعة زار خلالها العديد من العائلات الخليجية القوية جدا والمعروفة بعلاقاتها القوية جدا بمراكز صناعة القرار في الجزائر من أجل توسطها من أجل تخفيف الضغوط على مجموعة أوراسكوم. * * ورفضت الجزائر على لسان وزير الصناعة وترقية الاستثمار حميد تمار، منع أي شركة مصرية من مغادرة الجزائر، وقال تمار، إذا كان هناك في مصر من يريد سحب هذه الاستثمارات، فإننا لن نمنع أحداً منهم من المغادرة، وسنحترم خياراتهم، لكن على الإخوة المصريين أن يفهموا أن الجزائر يجب أن تحترم على كل المستويات، مضيفا، بالنسبة إلينا كجزائريين، لا يمكننا أن نفرّق بين الاحترام والتطور والأخوّة. وشدد على أن الاستثمارات المصرية في الجزائر "لا تأثير لها على الإطلاق على اقتصاد الجزائر"، كونها تتركز في مجالات الهاتف المحمول والبناء بعد التنازل الاختياري على قطاع الإسمنت لصالح مجموعة "لافارج" الفرنسية، وهي العملية التي كشفت للجزائر أن الود والخطاب الذي كانت تسمعه من شركات ومستثمرين مصريين، كان مجرد كلام على نفس طول الموجة التي تتناسب مع الأذان التي تسمعها في العاصمة الجزائر.