مخدرات، أسلحة، متفجرات،وثائق مزورة، سجائر وكحول، معدن أصفر وغيرها.... مفردات ألفها سكان هذه الولاية الإستراتيجية بموقعها الجغرافي، إذ تعتبر نقطة التقاء وعبور تربط بين الشمال والجنوب الشيء الذي ساعد الشبكات الإجرامية على توسيع نشاطاتها * مهمة البحث عن أكثر من 48 ألف سيارة مسروقة * كانت أول جولة ميدانية لنا في حدود الساعة العاشرة رفقة المجموعة الولائية للدرك الوطني بالمسيلة، بقيادة الرائد بن مهدي نوري، والرائد جندوبي قائد سرية أمن الطرقات أين حضرنا عملية تفتيش ومراقبة السيارات عن طريق جهاز الكشف عن السيارات المسروقة "بي. دي. أ" على مستوى الطريق الوطني رقم 4، حيث كشف الرائد جندوبي عن وجود 48350 سيارة مسروقة مبحوث عنها، حيث تم الكشف عن سيارتين مسروقتين بواسطة إستعمال جهاز الكشف الجديد. * بعدها مباشر تنقلنا باتجاه بلدية مڤرة، إحدى معاقل التزوير والتهريب وصناعة وتجارة الأسلحة بالمسيلة والتي تبعد عن عاصمة الولاية ب 65 كلم ، مرورا ببلديات، أولاد دراج، أولاد عدي لقبالة وكذا برهوم. * وكان أول ما شد انتباهنا في هذه الرحلة الأراضي الشاسعة المترامية الأطراف على طول الطريق إلى مڤرة والتي تتخللها الوديان الكثيرة التي لم نستطع حتى عدها أو تسجيل كل أسمائها باستثناء وديان لعرايب وبهلول وبوجناح، هي بعض المعطيات الجغرافية التي أوحت لنا المهمة الصعبة لوحدات الدرك في مكافحة الجريمة المنظمة بالولاية. * بعد حوالي ساعة ونصف من السير وصلنا إلى بلدية برهوم أين صادف تواجدنا هناك عملية مداهمة قامت بها مصالح الفرقة الإقليمية التابعة للدرك الوطني لبرهوم، إثر معلومات مؤكدة مفادها وجود أحد الشبام البالغ من العمر20 سنة يقوم بترويج الأسلحة، وعند عملية المداهمة لمسكنه بالمنطقة المسماة دوار أولاد مرزوق تم اكتشاف ورشة لصناعة الأسلحة، حيث تم حجز مجموعة من الذخيرة من الصنف الخامس وعتاد يدوي يستعمل في تعمير وتجهيز الخراطيش وتعبئتها، والتحقيق الأولي حسب ما صرح به القائد رضا طاهري كشف عن تورط هذا الشاب مع شبكة كبيرة للمتاجرة بالأسلحة تمتد إلى الولايات المجاورة وتتعامل مباشرة مع الجماعات الإرهابية والتحقيق متواصل في القضية. * وصلنا السير تقريبا لأكثر من نصف الساعة قبل أن ندخل إلى المنطقة التي سمعنا عنها الكثير منذ أن وطأت أقدمنا ولاية المسيلة، لكن الحقيقة الجلية أن المشهد الأول الذي يصادفك وأنت تدخل دائرة مڤرة هو السكون والهدوء الذي يخيم على ظلال هذه "الحضنة" التي تخفي في أحضانها الكثير من الشبكات الإجرامية.. وما خفي أعظم. * وجدنا في استقبالنا قائد كتيبة الدرك هناك النقيب جمال قاسمي والذي قدم لنا في البداية بعض الشروحات والأرقام حول شبكات التهريب والجريمة المنظمة بالمنطقة، وكيف استطاعت كتيبة مڤرة الضرب بقبضة من حديد، وتضييق الخناق على شبكات التهريب والتزوير وصناعة الأسلحة في هذه الجهة من الولاية. وآخر عملية كانت يوم قبل وصولنا إلى هناك، حيث تم حجز شاحنة من الوزن الثقيل من نوع رونو "ر340" مزورة تم تهريبها انطلاقا من مالي مرورا بتمنراست ثم الجلفة وصولا إلى المستودعات ب "مقرة" أين تم إعادة تصبغيها وتركيبها لرقم تسلسلي مزور مرقم بولاية بجاية 06 * كما كشف النقيب قاسمي عن تفكيك مصالحه لأكبر شبكة ترويج الأسلحة الخطيرة نهاية ديسمبر الفارط ببلدية أولاد عديل القبالة، حيث تم إلقاء القبض على 15 شخصا وجهت لهم تهمة الاتجار غير المشروع للذخيرة واكتشاف ورشة لصناعة الأسلحة. * ومن جهة أخرى أكد لنا النقيب أن منطقة مڤرة معروفة بظاهرة التزوير في الوثائق الرسمية التي تباع بأثمان تتراوح مابين 2000دج إلى 50 مليون سنتيم حسب أهمية الوثيقة وشبكات التي تمارس هذه المهمة تمتد جذورها إلى كامل التراب الوطني * وفي حديثه إلينا اعترف النقيب بدور المشرّع الجزائري في مكافحة هذه الآفة الخطيرة من خلال صياغة القانون 60/22 الصادر بتاريخ 20 ديسمبر 2006 والذي أعطى أكبر حرية في التدخل وأكثر صلاحيات لوحدات الدرك من أجل القضاء على الجريمة المنظمة. * وذكر النقيب قاسمي عملية التسرب التي صارت تعتمد عليها وحدات الدرك الوطني من خلال عناصرها المدربة في التغلغل في عمق هذه الشبكات الإجرامية والإطاحة بها، خصوصا بعد الصعوبات التي كانت تتلقاها وحدات الدرك في الحصول على المعلومات بخصوص شبكات الجريمة المنظمة، بسبب طابع المنطقة العشائري الذي لا يسمح بالوشاية بفرد من نفس العشيرة أو العائلة. * تركنا المنطقة وفي أذهننا صورتان متناقضتان لعاصمة الحضنة الهدوء والسكون اللذان يخيمان على سكانها من جهة وعصابات الإجرام المنظم التي تنشط في الخفاء كلما يحل الظلام من جهة أخرى.