هذه هي النهاية لا محالة تحصلت "الشروق" على نسخة لواحد من عقود الاستشارات البنكية التي تبرمها البنوك العمومية والشركات الوطنية مع مكاتب الخبرة الأجنبية في مقدمتها الفرنسية، ومن بين تلك الصفقات واحدة تضمنت الوثائق التي بحوزتنا أن المستشار الفرنسي يتقاضى مقابل خدماته ما معدله 1700 أورو يوميا تزيد وتنقص حسب مستوى المستشار وخبرته، وبإجراء عملية حسابية نكتشف أن المستشار الأجنبي يتقاضى في يومين ما يعادل الراتب الشهري لسيناتور! * وكانت "الشروق" قد نشرت نصا لتعليمة رئاسية أمر فيه القاضي الأول للبلاد بإعادة فتح ملفات صفقات الاستشارات التقنية وغيرها التي تبرم مع مكاتب دراسات واستشارات أجنبية متخصصة بتكاليف خيالية لا يتقاضاها هؤلاء في بلدانهم مثلما هو الحال لمستشارين استقدمهم بنك الجزائر الخارجي في إطار برامج تنظيمية تدخل في إطار العصرنة، حيث أبرمت صفقة توجد محل تحقيق هي وصفقات أخرى مماثلة اعتبرتها جهات على صلة بالتحقيقات الموسعة هدرا للمال العام. * ويهدف نص الاتفاقية المبرمة بين بنك الجزائر الخارجي وشركة "انيوم كونسيلتين" الفرنسية إلى وضع تنظيم جديد للبنك يشرف عليه خبراء فرنسيون في الجانب المتعلق بالاستشارة وهي المهام التي حددتها الاتفاقية بشكل دقيق في جانبها المتعلق بالتكاليف والأعباء التي تقع على كاهل البنك بدءا من تذاكر السفر والإقامة والإيواء وصولا إلى تكاليف الاستشارة الواحدة التي تتحدد حسب المجهود والأيام. * ومن بين ما يشار إليه ان هذه الاتفاقية التي نحوز نسخة عنها هي واحدة من العشرات التي يتم تجديدها بمجرد انتهاء مدتها على اعتبار ان كل المهام الاستشارية لها عقودها حسب المجهود وعدد الأيام. * وبدون احتساب ما تكلفه استشارة واحدة حسب الاختصاص فإن البنك يتكفل بكل المصاريف خلال فترة الاستشارة، وتصل مصاريف أداء المستشار الواحد لمهامه لدى البنك حسب رتبته وأقدميته إلى 1700 أورو، ولا تقل عن 1000 أورو للمستشار الواحد يوميا، ويتحدد الأجر اليومي حسب مضمون الاتفاقية التي بحوزة "الشروق" حسب أقدمية المستشار، فإذا كان له خبرة لا تقل عن 10 سنوات فإن أجرته اليومية لا تقل عن 1700 أورو، أما إذا كانت أقل من ثلاث سنوات فإنها تصل إلى ألف أورو يوميا. * وبإضافة تكاليف الإقامة والنقل الداخلي وتذاكر السفر فإن التكلفة اليومية ستصل إلى أكثر من 1700 أورو بما لا يقل عن 30 بالمائة من الأجر اليومي بالنظر للشروط التي يفرضها الطرف الفرنسي فيما يخص الإيواء الذي لا يكون إلا فندقا فاخرا. * وحسب جدول تحديد التكاليف فإن 10 إطارات من مكتب الدراسات الفرنسي تقاضوا ما بين 5100 أورو و1020، أي بما معناه انه خلال 104 أيام تقاضى عشرة إطارات 100 ألف أورو، وفي المحور الثاني من الاتفاقية فإن ميزانيته التقريبية حددت لعدد من الأيام مقدر ب203 يوم يمارس فيها 41 إطارا مهامهم الاستشارية ما قيمته 230 ألف أورو. * وما تؤكده مصادر "الشروق" ان عددا من اتفاقيات الاستشارة والخيرة الأجنبية المبرمة مع البنوك العمومية وبنك الجزائر الخارجي وشركات سوناطراك وسونلغاز توجد تحت مجهر التحقيق، ويجري المحققون ما يسمى تحقيقات المطابقة لتحديد المسؤوليات وتصنيف التهم بين تبديد المال العام أو تحويل الأموال، وقالت مصادرنا التي رفضت الكشف عن عدد الصفقات المبرمة على هذا النحو بتلك الشركات.