اشتدت حملة تبادل الاتهمامات بين المترشحين للانتخابات الرئاسية، قبيل ساعات من انقضاء آجال إيداع ملفات الترشح لدى المجلس الدستوري، بسبب التشكيك في أساليب جمع التوقيعات، والحديث عن استخدام المال الفاسد من قبل بعضهم، واتهام موظفين إداريين بتزوير التوقيعات. ولا يدخر المترشح للرئاسيات ورئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، أي جهد في حصر عدد من التجاوزات التي صادفها مناضلوه أثناء عملية جمع التوقيعات، مؤكدا ل "الشروق" ما وصفه باستخدام الإدارة أسلوب التفرقة وعدم المساواة بين المترشحين، واتهمها بأنها تعمل لصالح أربعة أحزاب، في إشارة إلى التشكيلات السياسية التي تساند الرئيس وتعمل على جمع التوقيعات له، وهي الأفالان والأرندي وتاج والحركة الشعبية الجزائرية، مؤكدا بأن إداريين قاموا بتزوير توقيعات مواطنين. وعن أدلة تثبت أقواله، أفاد تواتي بأنه يحوز صورا تم التقاطها بمقرات بعض البلديات تبين موظفين يقومون بملء استمارات اكتتاب التوقيعات. وما أثار استغراب المتحدث، هو الاستمارات التي يتم جمعها لفائدة الرئيس، والتي تضمنت معلومات غير صحيحة بالنسبة إلى اسم والديه، مصرا على أن ما تم تدوينه على الوثيقة، مجرد معلومات وهمية لا أساس لها من الصحة، ويصر تواتي على الحديث عن استخدام "الشكارة" في جمع التوقيعات. وقال بأن مترشحين دفعوا ما بين مليون و6 ملايين سنتيم للحصول على توقيعات منتخبين محليين، وأحد الموثقين أكد بأن جمع 600 توقيع كلف 3 ملايير سنتيم. ويتهم رئيس الأفانا الأمين العام السابق للأفالان، والمترشح للانتخابات الرئاسية "علي بن فليس" دون أن يذكره بالاسم، بالسطو على توقيعات المنتخبين المحليين التابعين لتشكيلته، والبالغ عددهم الإجمالي 114 منتخب، لم يتمكن "تواتي" من الحصول على سوى توقيعات 7 منهم، في حين إن توقيعات الباقين "بيعت" لفائدة مرشح آخر من نفس الولاية، الذي احتل المرتبة الأولى في جمع التوقيعات. ويدعم صحة هذه الاتهامات العضو القيادي في حزب العمال "جلول جودي"، الذي تحدث عن عراقيل إدارية، فضلا عن تسجيل حالات لا تحصى، تم فيها استخدام المال في جمع توقيعات المواطنين وكذا المنتخبين المحليين لفائدة بعض المترشحين. وقال بأن مناضلي تشكيلته رفعوا تقارير إلى المكاتب الولائية للحزب، مؤكدا بأن بورصة توقيعات المنتخبين المحليين بلغت مستويات قياسية، وتراوحت قيمة التوقيع الواحد ما بين 5 و10 ملايين سنتيم، في حين إن جمع توقيعات 100 مواطن عادي تم مقابل 1 مليون سنتيم، وقال بأن ثلاثة مترشحين معروفين استخدموا المال في جمع التوقيعات، رافضا ذكر أسمائهم. ويقول من جهته رئيس جبهة المستقبل "بلعيد عبد العزيز"، بأن جمع التوقيعات لفائدة "مترشحين" تم على مستوى الإدارة والمؤسسات، مما يدل حسبه على أن الانتخابات لن تكون نزيهة وشفافة، موضحا أنه تم سحب الثقة من أحد منتخبيه ببلدية الشلف، لأنه قام بجمع التوقيعات لفائدة رئيس الحزب، ويعتقد بلعيد أن الإدارة كانت وراء سحب الثقة منه. وينفي "لطفي بومغار"، مدير الاتصال بمديرية الحملة الانتخابية ل"علي بن فليس" اعتمادهم على المال الفاسد أو الطرق الملتوية في جمع التوقيعات، قائلا: "ليس لدينا المال الفاسد، ولا نؤمن بمنطق البيع والشراء"، وشراء التوقيعات هو قضية ضمير، معتقدا بأن المترشح للرئاسيات "علي بن فليس" لديه قناعة كاملة بالقاعدة الشعبية الواسعة التي تدعمه، فضلا عن استحالة قبوله بالمال الفاسد. ويوضح "كمال ميدا"، عضو قيادي في حزب "تاج" الذي يعد أحد الأحزاب الأربعة المحسوبة على الموالاة والتي تدعم العهدة الرابعة، بأن عملية جمع التوقيعات تتم من خلال حملة ميدانية والعمل الجواري، نافيا وقوع تزوير، لكنه قال بأن النزول إلى الميدان كشف لهم بعض ملامح استخدام المال في جمع التوقيعات، بدعوى أن مواطنين سألوهم عما يستفيدون منه مقابل التوقيع، وهو ما يوحي حسبه بأن التوقيع تم بالمقابل بالنسبة إلى البعض.