عددهم يفوق الخمسة ملايين مسجل على موقع التواصل الاجتماعي انتقل دورهم من التفاعل فيما بينهم عن طريق التعليقات وتبادل الصور والفيديوهات، إلى موقع للتجنيد والتظاهر، واستطاع أن يزاحم ويتغلب على الأحزاب السياسية في القدرة على التعبئة الجماهيرية، ولعل ما حققته حركة "بركات" واحتشاد جماهير "نكاز" في ساحة البريد المركزي اعتبر بمثابة ضربة قاصمة للأحزاب التي لم تعد قادرة على تجنيد حتى مناضليها.. إنهم الفايسبوكيون. تقدر إدارة الفايسبوك في آخر أرقام نشرت عام 2013 أن تعداد الجزائريين المنخرطين في موقع التواصل الاجتماعي يقدر بنحو 05 ملايين منخرط، بينهم 03 ملايين من النساء، ومليونان من الرجال، عدد الصفحات عبر الموقع يتجاوز 165 ألف صفحة، ليحتل الفايسبوك في الجزائر المرتبة الثالثة عربيا بعد كل من مصر والمغرب، وهو بذلك قوة لا يستهان بها، يتراوح عمر الفئة التي تستخدم الفايسبوك في الجزائر ما بين 13 عاما و 45 عاما. وهم بذلك يمثلون الفئة الشابة من المجتمع مع أغلبية كبيرة لفئة الشباب فوق 21 عاما.
الفايسبوك من وسيلة للتعليقات إلى منبر للتجنيد إن كانت الحملة الانتخابية لم تبدأ على أرض الواقع إلا أنها دشنت مبكرا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها "التعبئة" التي قادها أعضاء ومتعاطفون مع حركة بركات، للدعوة إلى التظاهر، استعان فيها ممثلو الحركة بصفحات فايسبوكية تحوز 100 ألف معجب، وإعلاميين استطاعت على مرتين أن تجند في مظاهرات سلمية جزائريين هتفوا ضد العهدة الرابعة، هؤلاء لم يحركهم بيان إعلامي، ولم يحركهم زعيم سياسي، ولم تحركهم لا منظمة ولا جمعية. يقول الناشط السياسي سمير بن عريبي ل "الشروق": "نحن مواطنون ولا أحد يزايد علينا في الوطنية، تعبئتنا للجماهير ساعدتنا فيها مواقع التواصل الاجتماعي لأن فيها مواطنين أحرارا في أفكارهم وهو ما ساعدنا على الخروج إلى الشارع". يعلق المحلل السياسي والأستاذ الجامعي عبد العالي رزاقي على ظاهرة قدرة الفايسبوك على التجنيد: انتقل الفايسبوك من لعب دور عفوي إلى دور إيجابي بسبب انعدام الثقة في الأحزاب السياسية بدءا من الأفلان وصولا إلى بقية الأحزاب الأخرى التي لا تزال تفقد قدرتها على التجنيد، بما فيها الأحزاب الإسلامية وذلك بسبب المطامع في المناصب التي أفقدتها ثقة الجماهير، مما جعل الفايسبوك يصبح مصدر ثقة باعتباره غير موال لأي جهة. وأضاف رزاقي: "الفايسبوك قوة لا يستهان بها فهو قد صنع الفارق في مصر وتونس، ويبدو أن هذه القوة جعلت من الفايسبوك في الجزائر مخترقا لأجل التشويش، لكن في الأصل يجب أن يبقى الفايسبوك لأجل تبادل المعلومات والتحليل". وعن قدرة الفايسبوك على صنع التغيير يقول المحلل السياسي سليم قلالة ل "الشروق": "الفايسبوك أصبح مرآة عاكسة لتطور المستوى لدى الجيل الجديد وربما في السنوات القادمة سيصبح ما نراه في الفايسبوك متطابقا مع ما نراه في الواقع ، لكن يبقى على جيل الفايسبوك أن يعبر عن قناعتاته ميدانيا، ولا يحصرها في الجانب الافتراضي". وعن بروز أولى مظاهر قدرة الفايسبوك على التجنيد قال قلالة إنها أولى بدايات ترجمة تأثير الفايسبوك، لكنه هون من قدرتها على التجنيد مؤكدا أن فئة كبار السن أو من الجيل الثاني والثالث، لا تزال خاضعة للتأثير التقليدي بسبب بعدها عن ممارسة تقنيات التكنولوجيا الحديثة، وقال قلالة: لو يصل الجيل الجديد إلى تحويل قناعاته إلى فعل لحدث انقلاب كبير في التغيير الفكري.
"البومباردي" في مواجهة 12 مترشحا للرئاسة استطاعت صفحات فايسبوكية يزيد عدد المعجبين بها على أكثر من 100 ألف معجب، أن تتحول إلى محل اهتمام "الفايسبوكيين" بفعل سرعة ما تنشره من أخبار سياسية والتهكم على السياسيين والمسؤولين بطرق هزلية أن تستقطب اهتمام نحو 05 ملايين فايسبوكي، وتلقى الصفحات التهكمية والتي تنشر مقاطع فيديو هزلية للمتشحين أو تعمل على فبركتها انتشارا واسعا، وتحولت في الآونة الأخيرة السياسة إلى أكثر المواضيع تعليقا، مما جعل الفايسبوكيين ينقسمون بين موالٍ للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة وبين مناهض لها.