كلما حل استحقاق سياسي ما، برز تراشق إعلامي بين القيادة الحالية لحركة مجتمع السلم، التي يتزعمها تيار "الممانعة" بقيادة عبد الرزاق مقري، والحرس القديم الراغب في "الإبقاء على حبل الود مع السلطة"، بزعامة أبو جرة سلطاني. وعلى عكس المرة السابقة، عندما اعتذر (في آخر لحظة) رئيس حركة مجتمع السلم السابق، أبو جرة سلطاني، عن تلبية دعوة رئيس الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، للمشاركة في المشاورات حول تعديل الدستور، فضل هذه المرة رفقة رئيس مجلس الشورى السابق، عبد الرحمن سعيدي، الاستجابة لدعوة جبهة القوى الاشتراكية، حول مشروع "إعادة بناء الإجماع الوطني". المبرر الذي رفعه كل من سلطاني وسعيدي كان واحدا، وهو أن مشاركتهما جاءت باعتبارهما "شخصيتان وطنيتان"، وهو ما دفع سعيدي لاعتبار ما صدر بحقه من انتقادات "لا مبرر لها"، كما قال، في اتصال مع "الشروق" أمس، مؤكدا بأن ما يهمه هو "سلامة موقفي الذي لا يتعارض مع أي نص في قوانين الحركة". سعيدي أكد أن تلبيته دعوة جبهة القوى الإشتراكية إنما انطلقت من اعتقاد مفاده أن "مبادرة إعادة بناء الإجماع الوطني" التي طرحها "الأفافاس"، "يجب ألا تبقى حكرا على طرف دون آخر، بل على الجميع أن يساهم في إنجاحها طالما أنها تستهدف مصلحة البلاد". وكان رئيس الحركة عبد الرزاق مقري قد سارع للتعبير عن موقف "حمس" من تلبية سلطاني وسعيدي لدعوة الأفافاس عبر صفحته الرسمية على شبكة التواصل الإجتماعي "فايسبوك"، وقال إن "عملهما لا يمثل الحركة"، لكنه لم يحسم فيما إذا كان القياديان السابقان، سيحالان على لجنة الانضباط للمحاسبة. ويبدو أن رئيس "حمس" السابق ورئيس مجلس شوراها السابق أيضا، قد حسبا للمسألة جيدا قبل أن يقدما على فعل ما اعتبرته أوساط قيادية بالحركة ب"العمل خارج مؤسسات الحركة"، لاسيما وأن اسميهما يقحمان الحركة بطريقة أو بأخرى في مسعى تبدو "حمس" مترددة بشأنه، كما جاء على لسان رئيسها الحالي، الذي لم يتردد في إطلاق النار على مبادرة الأفافاس، مباشرة بعد أن وقف على خطوطها العريضة من مسؤولي الأفافاس في اللقاء الذي جمعه بهم في الجولة الأولى من المشاورات. وبالنسبة لسعيدي فتلبية دعوة الأفافاس، "لا يمكن اعتباره موقفا، طالما أن الحركة لم تجتمع مؤسساتها بعد، ولم تصدر موقفا نهائيا من المبادرة، فكل ما صدر عن مقري، كان مجرد قراءات، رحب بما رحب، وانتقد ما انتقد"، وفضلا عن ذلك، يقول سعيدي إن "اللقاء كان بهدف الاستماع، وأن المبادرة لاتزال في بداياتها الأولى". ويبدو على كلام رئيس مجلس الشورى السابق، شيء من التحدي غير المعلن، حيث ألمح إلى أنه سيكون له كلام عندما تلتئم مؤسسات الحركة وتعرض عليها النتائج، غير انه بالمقابل أحجم عن الحسم فيما إذا كان سيشارك في ندوة "إعادة بناء الإجماع الوطني"، التي يعتزم الأفافاس عقدها قبل نهاية السنة الجارية، في حال قررت مؤسسات الحركة عدم مقاطعتها.