يبدو أن مبادرة جبهة القوى الاشتراكية تسببت من حيث لا تدري في “فتنة” ببيت حركة مجتمع السلم، فقد استغرب رئيسها السابق، أبو جرة سلطاني، إصدار ثلاثة بيانات متتالية “تستنكر وتحذر وتتبرأ” من مشاركته في مشاورات الأفافاس، رغم “عدم صدور أي قرار ملزم من مؤسسات الحركة”. في مقابل ذلك، رفض رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، في اتصال به، التعليق على ما اعتبره “شأنا داخليا لا ينبغي أن يكون محل سجال في الإعلام”. اعتبر أبو جرة سلطاني، في بيان موقع باسمه، أمس، كثافة إصدار بيانات عن الحركة، رافضة للقائه مع الأفافاس، “سابقة في تاريخ الحركة تحتاج إلى توضيح إلى أبناء الحركة وإلى الرأي العام”. وأوضح سلطاني أن مشاركته في هذا “المسعى الوطني” تندرج في إطار “الرأي الحر المكفول ديمقراطيا لكل شخصية وطنية في مفهوم العمل السياسي المتفتح على الآخر”. ونفى الرئيس السابق لحمس علمه بأي قرار صادر عن مؤسسات الحركة المخولة “يدعو مناضليها وشخصياتها الوطنية إلى الالتزام بالصمت الحزبي وقطع الحوار مع جزء من الطبقة السياسية، أو عدم التعاطي مع مبادرة “بناء الإجماع الوطني” ليكون الالتزام بهكذا قرار انضباطا حزبيا ملزما”. ووجه سلطاني عتابا إلى مسؤولي الحركة لاستعمالهم الأنترنت وسيلة لتبليغ قرارات الحركة، قائلا إن “الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي وما ينشر على الحساب الخاص في الفايسبوك لا يلزم إلى أصحابه ولا يمثل مؤسسات الحركة لا من قريب ولا بعيد”. وأضاف سلطاني، في إشارات تبدو موجهة لعبد الرزاق مقري، أن “الحجر على الرأي في غياب القرار الملزم يتعارض مع أبسط نضالاتنا السياسية المتطلعة إلى استكمال المشروع الإسلامي الوطني الديمقراطي الذي أسس له الشيخ الراحل محفوظ نحناح رحمه الله، بالحوار والانفتاح والتسامح والمصالحة الوطنية وبالدعوة إلى التعاون والتضامن والعمل المشترك بين جميع أبناء الجزائر لبناء وطن كبير أعباؤه أثقل من أن يحملها تيار واحد”. وجاء رد سلطاني بعد صدور بيان منشور على موقع حركة مجتمع السلم، يدعوه ل”الانضباط وتجنب التصرفات التي تشوش على مواقف الحركة وسياستها التي تحسم فيها المؤسسات”. وأبرز البيان الموقع من الأمين العام للإعلام والاتصال، زين الدين طبال، أن “مشاركة السيدين أبو جرة سلطاني وعبد الرحمن سعيدي في المشاورات مع جبهة القوى الاشتراكية في مقر هذا الأخير، تم دون علم مؤسسات الحركة، وأن المؤسسات ستعالج الموضوع وفق لوائح وقوانين الحركة”. وتأتي هذه التطورات لتبرز بوضوح أن الخلافات التي ارتسمت بين أبو جرة سلطاني والتيار الداعم له داخل حمس، وبين عبد الرزاق مقري، قبل وأثناء المؤتمر الخامس الذي جاء به رئيسا للحركة، لا تزال طافية على السطح، خاصة بعد الخيارات التي تبناها مقري، باعتماد معارضة راديكالية للسلطة، يعيب عليه خصومه أنها انحرفت عن مسار مؤسس الحركة محفوظ نحناح الذي أسس وفقهم لخيار المشاركة وكان يدعو للحوار مع الجميع. وأصبحت تحركات أبو جرة سلطاني التي لا تمثل في الغالب خط قيادة حمس الحالية، مثار إزعاج لعبد الرزاق مقري، الذي مارس ضغطا عبر مؤسسات الحركة لإرغام أبو جرة سلطاني على عدم تلبية دعوة أحمد أويحيى في إطار مشاورات الدستور. كما يُستشف من تصريحات أبو جرة سلطاني الأخيرة أنه بات يشعر بتجاهل من قيادة الحركة لدوره، خاصة بعد عدم تلقيه الدعوة لحضور ندوة مازافران التاريخية.