طرحت اللقاءات المتكررة ما بين الرئيس بوتفليقة ووزير الخارجية الأسبق، لخضر الإبراهيمي، العديد من التساؤلات عن خلفية مثل هذه اللقاءات، إلى درجة جعلت الكثير من المراقبين يربطونها بوجود طموحات سياسية لدى المبعوث الأممي السابق، رغم تقدمه في السن . وسئل الإبراهيمي عن سر استقباله من حين إلى آخر من قبل الرئيس، ومدى استعداده لتقلد مسؤوليات سامية في الدولة، فرد موضحا: "تلك قراءات غير جادة... التقي الرئيس بصفته صديقا قديما وزميلا عملت معه مطولا"، نافيا بالمناسبة، وجود خلفيات سياسية وراء لقاءات من هذا القبيل، وذلك في تصريح أدلى به أمس، لقناة "بربر تي في ". واعتاد الرئيس بوتفليقة على استقبال وزير الخارجية الأسبق، كما أن الإبراهيمي عادة ما يدلي بعد خروجه من تلك اللقاءات بتصريحات للصحافة (العمومية)، يؤكد فيها أنه تباحث مع القاضي الأول بشأن الوضع العام في البلاد، وكذا القضايا العربية والإقليمية. وفي آخر لقاء دار بين الرجلين، أوضح الإبراهيمي أن "الزيارة لم تكن رسمية، وتحدثنا في أمور شتى تخص الوضع في البلاد وفي المنطقتين المهمتين بالنسبة إلينا وهما العالم العربي وأفريقيا"، علما أن الإبراهيمي يحوز على العضوية في لجنة العقلاء داخل الاتحاد الإفريقي. وكثيرا ما تزامنت لقاءات الإبراهيمي، الذي يبلغ من العمر 82 سنة، برئيس الجمهورية مع سريان شائعات بخصوص الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، وهو ما جعل من تلك اللقاءات مناسبة لقطع الطريق على التأويلات، مثلما حصل في اللقاء قبل الأخير، والذي دار في الثامن من أكتوبر المنصرم. وبلغ عدد المرات التي استقبل فيها الإبراهيمي من قبل الرئيس منذ العام 2013 ست مرات، بعضها كان في إطار مهامه السابقة كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا وأخرى بصفة شخصية، بشكل خلّف العديد من التأويلات الإعلامية عن تلك الزيارات، وما زاد من حدة تلك التأويلات، هو أن الدبلوماسي المخضرم لم يعد يتقلد أي مسؤولية رسمية في بعضها ولا سيما منذ استقالته من منصبه كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا، في أوت 2013. ومعلوم أن الإبراهيمي، معروف بعلاقاته المتشعبة على المستوى الدولي، نسجها خلال مسيرته الطويلة، فقد تربع على عرش الدبلوماسية الجزائرية في أصعب فتراتها، ما بين 1991 و1993، وهي المرحلة التي عاشت فيها البلاد على وقع حصار دبلوماسي غربي غير معلن، بسبب قرار وقف الدور الثاني من الانتخابات التشريعية آنذاك، التي كان فيها "الفيس" المحل قاب قوسين أو أدنى من حصد الأغلبية المطلقة. كما شغل الإبراهيمي منصب مبعوث للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق، ثم مبعوثا مشتركا للجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا عام 2012، وهو ما يرجح أن يكون الرئيس قد استشاره في الكثير من المسائل التي تهم البلاد.