فضلت الكثير من الشخصيات الوطنية، المدعوة، أو المحسوبة على الموالاة أو المعارضة، الوقوف على نفس المسافة، بين الطرفين، فخيّبت آمال تنسيقية الانتقال الديمقراطي، كما غابت عن لقاء مبادرة "الجدار الوطني"، ولأول مرّة تجد الموالاة والمعارضة نفسيهما أمام "أزمة" صفوف أمامية، فجنحت إلى خيار الكمّ على حساب النوع بملء القاعات، باستثناء بعض الوجوه التي اعتادت عدم التخلف. المعارضة تستعرض عضلاتها في فندق مزافران الحلّ في الحوار و"هيئة مستقلة" لمراقبة الانتخابات خلافا لما كان متوقعا، قاطعت الشخصيات الثقيلة والأسماء الكبيرة لقاء مازافران 2، الذي بدا مطابقا لمزفران 1، خاصة في الخطاب المتداول مع اختلاف طفيف في القاعة، التي لم تكف جمعيات المجتمع المدني ومختلف التشكيلات السياسية، التي خضرت اللقاء الذي اعتذر عن حضوره رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، ولم يستجب"الأفافاس" لدعوتهم، في حين أجمع المتدخلون في كلمتهم على أهمية ضمان انتقال ديمقراطي سلس وسلمي مع تجديد مطلب إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات لضمان شفافيتها ونزاهتها. الأفافاس لا يرد.. حمروش يعتذر وسيفي يتحجّج وفوجئ منظمو لقاء المعارضة بغياب الشخصيات الوطنية التي كانوا يعوّلون عليها لإنجاح الحدث الذي طال أمد التحضير له، حيث تخلف عن الموعد مولود حمروش ومقداد سيفي وحزب جبهة القوى الاشتراكية، فيما كان أول الوافدين أعضاء التنسيقية يتقدمهم عبد الله جاب الله وعبد الرزاق مقري وعلي بن فليس، لينطلق المؤتمر في حدود العاشرة صباحا بكلمة ألقاها المحامي والحقوقي علي يحيى عبد النور. ومثلما أشارت إليه "الشروق" فقد خصص لكل متدخل 10 دقائق لكلمته، فيما كانت الأولوية في الفترة الصباحية لأعضاء التنسيقية، حيث تم توزيع الكلمات بناء على القرعة، وتقاطعت كل التدخلات عند مطلب واحد يخص مطالبة النظام السياسي بضرورة ضمان انتقال ديمقراطي سلس وسلمي، مع تجديد مطلب إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات لضمان شفافيتها ونزاهتها. طابو: مبادرة الآفلان "جدار عازل"! وجدد الحاضرون في مداخلاتهم مطلب الذهاب إلى حوار وطني يحل ما أسموه "أزمة الشرعية في البلاد"، مع التأكيد على مطلب إنشاء هيئة وطنية لمراقبة الانتخابات، في حين أخذ الخطاب الأمني محورا كبيرا في المداخلات، أين ركز الحضور على الدور الكبير الذي يقوم به الجيش في رسالة للموالاة التي اتهمتهم بعدم الاكتراث بخطورة الوضع الأمني الذي تمر به البلاد، حيث أكد عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم على أهمية توحيد الجبهة الوطنية، خاصة وأن حدود البلاد ملتهبة. من جانبه استغل علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات مداخلته ليتهم النظام السياسي بقطع الطريق أمام المعارضة من خلال إلصاق تهمة الخيانة بها، والعمل على إهمال الأزمة التي تتخبط فيها البلاد وعلى رأسها ما أسماه "قضية شغور السلطة". الانفراد بالمبادرات السياسية يفجر النقاش داخل المعارضة وطالب رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان أحزاب المعارضة بتوحيد الرؤى وعدم الانفراد بالمبادرات السياسية، وهو الأمر الذي أثار جدلا وسط الحضور، أما كريم طابو رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي الديمقراطي قيد التأسيس - لم يتوان في وصف مبادرة الجدار الوطني التي أطلقها سعداني بالجدار العازل الذي يعمل على تقسيم البلاد برأيه. للإشارة فقد بدا خطاب المعارضة شبيها إلى حد كبير بخطابها في لقاء مزافران 1، ولم يختلف عنه في المطالب القديمة المتجددة تصدرها استحداث آلية وطنية لمراقبة الانتخابات وضرورة الانتقال الديمقراطي والإجماع الوطني وأزمة الشرعية، فيما تم إدراج ملف الأمن الوطني والجيش تزامنا مع الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الوطنية. كواليس مزافران: - انشغل ضيوف لقاء المعارضة أمس أو "مزافران 2" بالدردشة عبر شبكة الفايسبوك وصفحات التواصل الاجتماعي، وكانت الزحمة واضحة لصغر القاعة والكراسي المتزاحمة. - لم تتحصل أطياف المجتمع المدني التي حضرت اللقاء على الكلمة طيلة الفترة الصباحية رغم أنها كانت وفية لمزافرن، وفضل القائمون على التنسيقية منح الكلمة في الجلسات الصباحية لأعضائها وتأجيل كلمة الجمعيات إلى الفترة المسائية. - انقطع التيار الكهربائي على القاعة مرتين وهو ما جعل البعض يعلق أنه "حتى سونلغاز ترفض عقد مؤتمر المعارضة، فالظروف كلها تعاكسها". - كان خطاب المنشق عن حزب الدا حسين كريم طابو الأكثر حماسية في لقاء مزافران ودعا هذا الأخير المسؤولين عن الدولة إلى تفادي الخطابات الصماء والحديث باسم الجمهورية قائلا "لا توجد جمهورية دون جمهور". - صنع مرشح الرئاسيات السابق رشيد نكاز الحدث عندما دخل القاعة، حيث كان الوحيد من الشخصيات الوطنية الحاضرة للقاء وهو ما جعل جمعا غفيرا من الشباب يلتف حوله لأخذ صور تذكارية.
الموالاة تستعرض عضلاتها في القاعة البيضاوية "جدار وطني" لدعم الرئيس والجيش طغى طابع الاستعراض على مبادرة الجدار الوطني التي أطلقتها جبهة التحرير الوطني إلى جانب أكثر من 34 حزبا منضويا تحت لواء هذه المبادرة وكذا جمعيات وطنية ونقابات، في الوقت الذي أكد فيه أمين عام الآفلان عمار سعداني، على ضرورة مواصلة دعم برنامج الرئيس بوتفليقة، ومساندة الجيش الوطني الشعبي، وعلى نفس النسق سار داعمو المبادرة في القاعة البيضاوية. وقد عاش المركب الأولمبي 5 جويلية صبيحة أمس، حركة غير عادية بسبب التوافد الكبير على القاعة البيضاوية لحضور تجمع "الجدار الوطني". في جو يشبه تجمعات الحملات الانتخابية ووسط أهازيج وتصفيقات وأصوات القرقابو، دشنت التشكيلات السياسية والنقابية الداعمة لبرنامج رئيس الجمهورية أول لقاء لمبادرة الجدار الوطني، التي يقودها عمار سعداني.. فجلس داعمو المبادرة في الصفوف الأمامية، من رؤساء أحزاب وجمعيات ونقابات وغيرها من التشكيلات.. في وقت ملأ الحاضرون المدرجات الخلفية. وقبل ذلك عمد المنظمون على نصب شاشات عملاقة في زوايا القاعة البيضاوية لبث مقاطع فيديو تعود لخطابات الرئيس بوتفليقة، في المحافل الدولية وزياراته التي كان يقوم بها في ولايات الوطن. وزراء ومناضلون... لدعم الرئيس كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة عندما دخل عمار سعداني، وعمار وغول وبلقاسم ساحلي، ووزراء الآفلان يتقدمهم وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، ووزير الصحة، الأشغال العمومية، النقل ومدير الجوية الجزائرية بالإضافة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة إلى المنصة الشرفية وسط تصفيقات الحضور وزغاريد النسوة. وانطلق التجمع بالاستماع إلى آيات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت على أرواح ضحايا المروحية العسكرية التي تحطمت الأسبوع الماضي بأدرار. وتلا سعداني، كلمة من نحو عشر دقائق، دعا فيها الحاضرين إلى ضرورة مواصلة دعم برنامج الرئيس، والوقوف وقفة إجلال وإكبار للرئيس بوتفليقة وأن يهتفوا باسمه "رغم كيد الكائدين"، وواصل سعداني "..رئيسنا مشرفنا منقذنا وخادم بلادنا، مجاهد منذ نعومة أظافره هدر صحته من أجل الوطن وخدم الشعب بدمه". سعداني قال إن الرئيس بوتفليقة صدق ووعد ولم يخلف.. جاء حين كانت الدماء تسيل والناس يقتلون بعضهم البعض... جاء وبلادنا مهجورة مقهورة بفعل الإرهاب فأطفأ نار الفتنة.. جاء وبلادنا تحت رحمة الأفامي وأنقذنا منه جاء وقد جعل الإعلام حرا مستقلا يقول ويكتب ما يشاء، نادى للدولة المدنية وتحقق ذلك". سعداني قال أيضا في كلمته إن تجمع البيضاوية لم يكن ضد أحد في إشارة إلى ندوة المعارضة بزرالدة التي عقدت في نفس اليوم ولا لأجل أحد سوى الوطن. وحذر أمين الآفلان من الإرهاب الذي يتربص بالبلدان قبل أن يوجه تحية إلى قيادة الجيش الوطني الشعبي، عبارات جعلت الحاضرين يهتفون تحيا الجيش. ولم يخرج عمار غول رئيس تجمع أمل الجزائر، عن النص فسار على نفس النسق فقال "رسالتنا للرأي العام الوطني والدولي نحن هنا واقفون لتبقى الجزائر واقفة، نحن هنا لتأكيد الوفاء والولاء للرئيس بوتفليقة قائد الوطن". ليتابع "نشكر الجيش الوطني الشعبي ورسالتنا للطامعين.. الجزائر لن تنساق وراء التدخلات الخارجية.. الجزائر مستمرة نحو بنائها." ساعات لملء القاعة البيضاوية.. و15 دقيقة لمغادرتها بدأ وزراء الآفلان في مغادرة القاعة البيضاوية وخفت حدة أهازيج الجماهير تدريجيا رغم استمرار التداول على المنصة من طرف رؤساء بعض الأحزاب والجمعيات الوطنية، لكن خطابهم لم يلق تجاوبا من طرف الحضور الذين شرعوا في الانسحاب تدريجيا من القاعة، وقد يكون السبب في ذلك معروفا بالنظر إلى أن أغلب تلك الوجوه من السياسيين غير المعروفين في الأوساط الشعبية الذين لم يتعودوا على سماع أسماء تلك الأحزاب أو التنظيمات إلا في المناسبات التي تنظم عبر ولاياتهم. كما كان للحرارة المرتفعة فعلها، فشتت الحاضرين وألقت بهم إلى الخارج لالتقاط بعض صور السيلفي. صالحي ترفض مغادرة المنصة دون إلقاء كلمة واستمرت الشخصيات في الصعود إلى المنصة، على غرار نورية حفصي، ورئيس إتحاد الفلاحين والتجار وبعض الأحزاب المجهرية قبل أن تصنع رئيسة حزب العدل والبيان، نعيمة صالحي، الحدث ليس بحضورها إلى تجمع الموالاة، أو لأنها كانت مصحوبة بحرسها الشخصي لأن ذلك كان متوقعا، لكن بسبب إصرارها على الصعود إلى المنصة وإلقاء كلمة أمام قاعة بدأ الحضور في هجرتها حتى أنها وقفت أمام منشط التجمع من أجل أخذ كلمة وهو ما كان لها. وفي كلمتها استغلت صالحي هتف أنصارها باسمها لتزيد من حدة خطابها فغازلت الشباب وشكرت الجيش وعادت للحديث عن الأزواج والتعدد وهاجمت نورية بن غبريط بسب قراراتها الأخيرة. خالفة يحضر "في خاطر" الجدار الوطني الأرندي غاب عن التجمع كما كان متوقعا، لكن حضر خالفة مبارك أمين عام المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، الذي برر حضوره ل"الشروق" بأن مبادرة الجدار الوطني واستجابته للدعوة لا تعني أبدا أنه شق عصا الطاعة لحزبه الارندي الذي قاطع التجمع بصفة رسمية. ولفت إلى أن حضوره كان بقبعة المنظمة التي تضم في تشكيلتها مزيجا من الأحزاب ذات البعد الوطني، مشيرا إلى أن حضوره كان دعما للرئيس ونصرة للمؤسسة العسكرية في حربها ضد الإرهاب وعدا هذا فانه ملتزم مع الأرندي الذي كان احد مؤسسيه ووفيا لخطه وقيادته الحالية المتمثلة في شخص الأمين العام بالنيابة احمد اويحيى. قضية لعبيدي وحنون في القاعة البيضاوية طيف لويزة حنون كان حاضرا أيضا في تجمع القاعة البيضاوية لكن في شخص وزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي التي حضرت للتجمع من منطلق أنها تدعم برنامج الرئيس كما أنها مع تشكيل جدار وطني لمواجهة الأخطار التي تمر بها البلاد كما صرحت به، لكن الفضوليين من الحاضرين ورجال الإعلام سألوها عن قضيتها مع الأمينة العامة لحزب العمال فأكدت أنها مستمرة في قضيتها دون تقديم تفاصيل أكثر. واختتم أول تجمع للمبادرة الوطنية لكن عمار سعداني لم يقدم أي تفاصيل عن الخطوات القادمة واكتفى بتوجيه نداءات إلى الحاضرين بتنظيم لقاءات مشابهة في 48 ولاية عبر الوطن تدعم الرئيس بوتفليقة. كواليس البيضاوية - حضور إعلامي مكثف لوسائل الإعلام وتغطية مباشرة لبعض القنوات الخاصة. - مناوشات بين المنظمين والحضور بسب الاكتظاظ وسوء التنظيم أحيانا. - رحل البرلمان كله إلى القاعة البيضاوية فشوهد نواب العربي ولد خليفة وحراسه وحتى موظفون عاديون كانوا يساعدون في التنظيم. - طيف شكيب خليل في القاعة البيضاوية ... إشاعات ظلت تتداول خلال التجمع لكنها لم تتحقق فلم يأت وزير الطاقة السابق. - حضور محتشم للشخصيات.. واقتصر على غول وساحلي وبعض الجمعيات ورؤساء أحزاب صغيرة استغلوا الفرصة للترويج لأنفسهم في حملة إشهار مجانية. - الصاعدون إلى المنصة استغرقوا وقتا طويلا وهو ما أزعج الحضور وجعل منشط التجمع يطالب بثلاث دقيقة فقط.. والعبرة في ما قلّ ودل.