يعرف الهجوم النقدي والسخرية الجماهيرية على مسلسل ليالي الحلمية في جزئه السادس مع استمرار بث حلقاته على عدة فضائيات عربية تصاعدا حادا، سبّب لكثير من صُناعه أزمة فنية وإرهاقا نفسيا، على رأسهم الكاتب أيمن بهجت قمر، الذي دخل في حالة هيستيريا إلكترونية تجلت في منشور فايسبوكي وصف فيه مهاجمي المسلسل ب"الأشباح والمرتزقة وأعداء النجاح"!!.. وقد أطلق مجموعة من الفنيين والنقاد تصريحات معادية للجزء السادس من ليالي الحلمية أبرزهم المنتج محمد العدل الذي كتب على صفحته الخاصة في الفايسبوك "مع الاحترام والاعتذار لأيمن بهجت قمر ومجدي أبو عميرة وأسرة أسامة أنور عكاشة، ليالي الحلمية لا تخصكم وحدكم، إنها جزء من تاريخنا، تشويه هذا العمل ليس حقا لكم على الإطلاق، وسأعتبره جزءا من العشوائية التي نعيشها، حرام عليكم سيبوا الراجل مرتاح في تربته". أما الناقد طارق الشناوي ونقلا عن "الشروق نيوز" المصرية فقد اعتبر أن الجزء السادس من "ليالي الحلمية" حتى لو حمل توقيع المؤلف أسامة أنور عكاشة، والمخرج إسماعيل عبد الحافظ، لواجه نفس الانتقادات وتعرض لنفس الهجوم، لأن قصة الليالي انتهت عند الجزء الرابع، عندما الحدوتة تفرغت من محتواها، ولم يعد بها جديد أو عنصر جاذب، ولذا فيعد الجزء الخامس أقل الأجزاء نجاحا، بل لم يكن له ضرورة، فما بالنا بجزء سادس وبعد مرور أكثر من 20 سنة عن انتهائها.. !؟ هذا ويبقى تصريح الناقدة ماجدة خير الله الأعنف نقديا بعد تعليقها عبر صفحتها الشخصية على "فيس بوك" قائلة: "مسلسل ليالي الحلمية .. مليء ب"الزومبيز" (وهي الأشباح) ويؤكد على قدرة الله العظيم على إعادة الموتى للحياة"، تصريح جذب الكثير من التعليقات الساخرة من العمل.. ! المعلوم، أن الجزء السادس من الملحمة الدرامية ليالي الحلمية يأتي بعد 21 سنة عن آخر جزء منه (الخامس) سنة 1995، وما يناهز الثلاثين سنة عن جزئه الأول سنة 1987، يحاول من خلاله المخرج أبو عميرة التطرق إلى أحداث مصرية على المستويين الاجتماعي والسياسي ابتداءً من عام 2005 وحتى ثورة 25 يناير وسقوط نظام مبارك سنة 2012، وكانت الخطوة بمثابة الجرأة الكبيرة في إكمال مسيرة الراحل إسماعيل عبد الحافظ في أحد أهم كلاسيكيات التلفزيون العربي، الذي شارك في تقديمه حينها ثلة عباقرة الفن المصري وعلى رأسهم الكاتب أسامة أنور عكاشة والثلاثي الكبير يحيى الفخراني وصفية العمري وصلاح السعدني، فضلا عن كوكبة من نجوم الصف الأول من الممثلين في مصر يستحيل تكرارهم حاليا، كما أن ثلثي نجومه قد غادرونا إلى الأبد، فلم يتمكن أبو عميرة الاستنجاد إلا بالقليل ممن تبقوا على قيد الحياة منهم إلهام شاهين، وهشام سليم، وإنعام سالوسة، وآخرين.. مع تسجيل رفض يحيى الفخراني العودة إلى المسلسل منذ الجزء الخامس وحل وقتها ضيف شرف فقط. هذا وتبقى أهم نقطة سوداء سُجلت في هذا الجزء والتي شكلت مسخرة لدى المشاهد العربي هي أن صناع هذا الجزء قرروا إعادة أمجاد ليالي الحلمية من دون مراعاة الأعمار، والأمر يتعلق ب"نازك السلحدار" والتي تجسد شخصيتها العملاقة صفية العمري، أين تبقى على قيد الحياة وتستمر زيجاتها وقد قاربت القرن من عمرها، ما جعل الروائي المصري وائل نصار يصف الأمر بالمهزلة التاريخية. فقال "إنه عام 1987 عند عرض الجزء الأول من مسلسل ليالي الحلمية بدأت وقتها الأحداث سنة 1940، وكان سن نازك 29 سنة، يعني بحسبة بسيطة عمرها الآن 105 سنوات وفى بداية الجزء الجديد (أي سنة 2005) المفروض يكون سنها تقريبا 94 سنة، وعند انتهاء أحداثه مع سقوط مبارك سنة 2012 يكون عمرها 101 سنة.. ! كذلك الأمر بالنسبة إلى زهرة سليمان غانم وعادل سليم البدري فقد ولدا تقريبا عام 1942، يعني عام 2015 حسب الأحداث سيكون سنهما 63 سنة، وقال إن شخصيتيهما ستستمرلن حتى نهاية الحلقات عام 2012 حيث يصل سنهما إلى 70 سنة. ورغم ذلك يبدوان في المسلسل وكأنهما في منتصف العمر لا يزالان يمارسان طقوس الشباب.. ! كل هذه العبثية والخلل المذكورين آنفا واللذين تضمنهما الجزء السادس من الليالي جاءا لتأكيد فكرة الاعتراض المسبق منذ البداية على إنتاج هذا الجزء من طرف فنانين ونقاد ومنتجين واتهم الكثيرون منهم ورثة الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة بتلويث أيديهم بتوقيعهم والقبول بالموافقة على عمل جزء جديد من ملحمة الليالي، ليثبُت أن مجازفة صناع العمل جاءت فاشلة بكل المقاييس وتؤكد شبح الإفلاس الذي يعانون منه خلال السنوات الأخيرة، وأنها محاولة استغلال نجاح عظيم صنعه مبدعون، وليس إلا تمسحا وتبركا بزمن الفن الجميل، واللعب على أوتار الماضي والهروب من واقع الدراما الحالية.