مع غروب شمس هذا اليوم، يوم الجمعة، ستكون الأمّة المسلمة على موعد مع ساعات ليلة السّابع والعشرين من رمضان، التي يرجِّح كثير من العلماء ويرجو أغلب المسلمين أن تكون ليلة القدر، ويتطلّع كثير منهم ليحظوا بخيراتها ورحماتها وبركاتها، ويظفروا بإجابة دعواتهم وتحقيق أمنياتهم في ساعاتها. ليلة غفران الذّنوب وإجابة الدّعاء وتحقيق الرّجاء ليلة القدر، ليلة أنزل الله- تبارك وتعالى- فيها آخر وأحكم كتبه، واختصّ بفضلها أمّة آخر وأفضل أنبيائه، وجعلها خيرا من ألف شهر؛ ليلة واحدة أجر العبادة فيها يفضُل أجر العبادة في 83 سنة؛ من قامها لله ولوجه الله يرجو ثواب الله وفضله، غفر الله له ما تقدّم من ذنوبه.. نعم، ذنوب سنوات وسنوات تمحى بعبادة سويعات. فيا أخي المؤمن.. يا من سئمتَ حياة المعاصي والغفلة.. يا من تبت إلى الله في رمضان، وتخشى العودة إلى الآثام والحرام بعد رمضان، هاهي فرصتك لتثبت صدق توبتك.. إنّها ليلة تفتح فيها أبواب السّماء، ويُجاب فيها الدّعاء، ويحقّق فيها الرّجاء، وتنزل الملائكة لتستغفر لعباد الله المؤمنين، وتكتبَ اجتهاد المجتهدين، وترى بكاء الخاشعين، وتسمع أنين المذنبين، وتؤمّن على دعاء الدّاعين؛ ليلة تعتق فيها الرّقاب ويجار فيها من العذاب، ويُتاب فيها على كلّ من تاب وأناب.
أغلى 7 ساعات في حياتك ألا فتنبّه أخي المؤمن، فربّما تكون هذه اللّيلة هي ليلة العمر التي ستولد فيها من جديد، وتنال فيها ما ترجوه من العزيز الحميد، من توبة واستقامة وصلاح، وغنى وشفاء ونجاح.. هي 7 ساعات من أغلى ساعات هذه الدّنيا ومن أغلى ساعات عمرك، قد تكون الفرصة الأخيرة بالنّسبة إليك، وقد لا تتاح لك فرصة أخرى بعدها، احزم أمرك وشدّ إزارك؛ وأحيِ هذه الليلة بالقيام، وصلّ التّراويح مع الإمام، وجاهد نفسك على الخشوع، وادعُ الله في سجودك وأسبل الدّموع.. ثمّ قم مرّة أخرى في وقت السّحر وصلّ لله وأسبل دمعاتك وادع وألحّ عليه في الدّعاء، بكلّ ما ترجوه وتتمنّاه من خيري الدّنيا والآخرة؛ ادعُ الله بصدق أن يعفو عنك ويقبل توبتك ويثبّتك في رمضان وبعد رمضان.. تنبّه أخي المؤمن، فأبواب الجنّة من فوقك مفتّحة، وأبواب السّماء مشرعة، والملائكة من حولك أكثر من عدد الحصى، النّسمات تهبّ والرّحمات تُصبّ، وإخوانك المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يدعون ويبكون، ويسألون الله ويطلبون، فهل يليق بك أن تبقى مصرا على غفلتك؟ إنْ حدّثتك نفسك بتأجيل المحاولة إلى رمضان آخر، فاعلم أنّك إن مكّنتها الآن فلن تمنعها في رمضان المقبل ولا في غيره.. إنْ حدّثتك نفسك بتأخير التّوبة إلى حين تملّ منك الدّنيا وينحني ظهرك ويشيب رأسك فعِظها بالنّظر إلى أحوال أولئك الشّيوخ الغافلين عن الله، الذين أضاعوا رمضان في القيل والقال، ربّما كانوا في شبابهم يؤمّلون كما تؤمّل أنت الآن، فهاهم اليوم يجنون حصاد ما زرعوا في شبابهم.