محمد رزاق بارة عبرّت رئاسة الجمهورية عن رغبتها في تجاوب الأسرة الدولية مع مساعي إدراج الاستعمار ضمن "الجرائم ضد الانسانية" التي يعاقب عليها القانون الدولي، بما يمكن ضحايا الظاهرة الاستعمارية من متابعة المتورطين في ارتكاب جرائم ضد البشرية، وهو المسعى الذي تزامن وإحالة المجلس الشعبي الوطني لمقترح مشروع القانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، على الحكومة. وجاء موقف الرئاسة على لسان محمد كمال رزاق بارا المستشار برئاسة الجمهورية، الذي أكد أن الجرائم التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر طيلة 132 سنة، لا يمكن أن تمحى بنصوص إتفاقيات إيفيان، التي منعت المتابعات القضائية من الطرفين، ورسمت مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، ورتبت انتقال السلطة للجزائريين من أيدي المستعمرين. وقال رزاق بارة إن "الجرائم التي ارتكبها الجيش الفرنسي في حق الشعب الجزائري، لا تلغيها اتفاقيات إيفيان، كما لا يمكن أن تسقط بالتقادم، لأنها جرائم ضد الإنسانية"، علما أن الاتفاقيات المذكورة شكلت مشجبا علقت عليه العدالة الفرنسية رفضها الدعوى القضائية التي رفعها ناشطون حقوقيون من الجزائر وفرنسا، ضد"مجرم الحرب" موريس بابون الوزير السابق ومحافظ شرطة باريس إبان الثورة التحريرية. الرئيس السابق للمرصد الوطني لحقوق الإنسان، وفي كلمة ألقاها بمناسبة حفل لتكريم الناشطة الحقوقية الفرنسية نيكول دريفوس، عضو تنسيقية الدفاع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني، إبان حرب التحرير، دعا المجتمع الدولي إلى تكييف مفهوم الاستعمار واعتباره "جريمة ضد الإنسانية" في القانون الدولي، حتى يتمكن ضحايا هذه الظاهرة المرضية، من متابعة من ارتكب جرائم ضد الإنسانية، في حق الشعوب المستعمرة. وذكر رزاق بارة أنه "على القانون الدولي أن يحرز بعض التقدم لاعتبار الاستعمار عملية تهديم وتدمير تم القيام بها ضد شعب برمته، لكي يتم تكييفه قانونيا كجريمة ضد البشرية، إلى جانب جرائم شبيهة على غرار، العبودية والتمييز العنصري والإبادة". ورهن رجل القانون نجاح المسعى بمدى تعاطي الأسرة الدولية مع الفكرة، التي قال إنه يجب أن تشكل موضوع "إجماع عالمي"، يمكن اعتباره أرضية لمشروع يقترح على لأمم المتحدة يُكيّف الاستعمار على أنه"جريمة في حق البشرية". ومن شأن تصريح كمال رزاق بارة الذي يعتبر من مستشاري الرئيس بوتفليقة، أن يعطي دفعا قويا لمقترح مشروع القانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي بالجزائر، الذي أحيل نهاية فيفري على الحكومة، والذي يبقى مهددا بالسكوت عنه على مستوى قصر الدكتور سعدان، من منطلق حساسية المبادرة وتأثيرها الأكيد على العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي تعيش على وقع جمود غير مسبوق.