30 بالمئة من الشهادات المرضية التي تستلزم التوقف عن العمل سببها آلام الظهر آلام الظهر.. مشكل أضحى جلّ الجزائريين يشتكون منه، ولا يهمّ السن كثيرا لأنه يمس كل شرائح المجتمع حتى الأطفال المتمدرسين. * وتشير الأرقام الحالية إلى أن جزائريا من بين خمسة يعاني من هذه الآلام بشقّيها الحاد والمزمن، أي قرابة 7 ملايين جزائري! هذه الحقيقة جعلت السلطات الصحية تصنفه مرض العصر وأحد مشاكل الصحة العمومية ذات التبعات الثقيلة اجتماعيا ومهنيا واقتصاديا. * أوضحت الدكتورة حايد صبرينة، أخصائية في أمراض المفاصل والعظام ببن عكنون بالعاصمة، أن هذه الظاهرة التي تعاني منها بصفة أساسية الفئة العمرية بين 45 و65 سنة، تمثل السناء 60 بالمئة منها، هي عبارة عن حدوث تعب يشعر به الشخص في منطقة الظهر العلوية أو الوسطى أو السفلية. * وباعتبار أن الظهر مكون من تنظيم معقد من الفقرات والأربطة والمفاصل والعضلات فإن أي مشكلة تصيب هذه المكونات قد تسبب حدوث ألم به. وحدوث الألم أسفل الظهر هو الأكثر شيوعا لأن المنطقة السفلى من الظهر هي المعرضة لضغط كبير، مشيرة إلى وجود نوعين من آلام الظهر: الحادة وتحدث فجأة وتستمر لوقت قصير يتراوح بين عدة أيام وأسابيع. وأخرى مزمنة عندما يستمر الألم أكثر من ثلاثة أشهر. مؤكدة أن ألم الظهر أضحى في مصاف مشاكل الصحة العمومية بسبب تأثيراته على حياة المريض اجتماعيا ومهنيا، مشيرة إلى أن 30 بالمئة من الشهادات المرضية التي تستلزم التوقف عن العمل في المؤسسات بسبب آلام الظهر. * وعلّقت الدكتورة حايد على زيادة شكوى الجيل الجديد من آلام الظهر مقارنة بالسنوات الماضية حيث كانت مقتصرة على كبار السن ممن أكل الدهر على قوة عظامهم واستقامة عمودهم الفقري قائلة "النمط المعيشي تغيّر والنظام الغذائي انقلب رأسا على عقب، فقلّت الحركة على حساب زيادة الدهون. كما أن هذا الجيل أصبح أكثر وعيا ويسارع إلى زيارة الطبيب فور إحساسه بالألم ليستفسر عن أسبابه ويحاول إيجاد الترياق". * وعزت الدكتورة أسباب ارتفاع عدد الذين يعانون من هذا المشكل بالدرجة الأولى إلى قلّة النشاط الرياضي الذي يصقل الجسم ويجنّبه مشاكل صحية جمة، بالإضافة إلى النظام الغذائي العصري الذي يعتمد على الأكل السريع المشبع بالدهون على حساب العناصر الضرورية والمفيدة للجسم، وهو ما يعدّ -حسبها- أحد الأسباب الأكيدة لاكتساب الوزن الزائد الذي لا يستطيع العمود الفقري تحمله، مما يؤثر على فقراته وتحدث تلك الآلام الحادة. * * أزمة السير وعيوب الطرقات.. ألدّ أعداء العمود الفقري! * الدكتورة حايد سلطت الضوء أيضا على بعض الوضعيات الخاطئة التي ننتهجها يوميا دون أن ندرك سلبياتها على الظهر، منها طريقة الجلوس أو الوقوف أو النوم الخاطئة "أظن أن أزمة السير الخانقة التي تعيشها المدن الكبرى خاصة العاصمة من أهم أسباب الإصابة بآلام الظهر، فالجلوس على مقود السيارة لمدة طويلة تتعدى في بعض الأحيان الثلاث ساعات من شأنه أن يؤثر سلبا على العمود الفقري، خاصة إن كانت طريقة الجلوس خاطئة، كما أن الواقفين طويلا في حافلات النقل العمومي يعانون الأمرين وهم يغيرون وضعيات الوقوف بين التركيز على الرجل اليمنى تارة واليسرى تارة أخرى، وينتهي المطاف بهم في آخر اليوم إلى ألم في أسفل الظهر قد لا يحتمل مع مرّ الزمن" وفي السياق ذاته أضافت المتحدثة "الوضعية المزرية التي توجد عليها طرقاتنا تهدد أيضا صحة العمود الفقري خاصة الهزات الناجمة عن الحفر والممهلات التي لا تستوفي المقاييس". * * المحافظ الثقيلة وطريقة الجلوس ترهن صحة ظهور المتمدرسين * نقطة هامة أثارتها المتحدثة في خضمّ عدّها للأسباب الكامنة وراء تفاقم ظاهرة آلام الظهر عند الجزائريين وهي المحافظ الثقيلة التي يضطر أطفالنا يوميا لحملها على ظهورهم أو أحد أكتافهم أو جرها في أحسن الحالات، وهي حالات انتقدتها الدكتورة حايد واعتبرتها أحد أسباب تقوس الظهر وآلامه "أصبحنا نلاحظ زيادة إقبال المتمدرسين على الفحص الطبي سواء لأن أولياءهم لاحظوا تقوسا في العمود الفقري أو سئموا من سماع آهات الألم.. والسبب الرئيس هو ثقل تلك المحافظ التي تحمل بطريقة خاطئة سواء على كتف واحدة مما يؤثر على توازن الظهر وتحمل جهة واحد للوزن كله، وحتى طريقة الجر تسيء للعمود الفقري لأنها تكون بجانب واحد وبيد واحدة. * طريقة الجلوس في المدارس أيضا لها يد كبيرة في تفاقم الظاهرة، زد على ذلك عدم تنبيه الأستاذ لتلاميذه بالطريقة الصحيحة للجلوس.. وإن كانت مشاكل العمود الفقري تظهر عند سن التمدرس فإنها تزداد حدة عندما يصبح الطفل مراهقا، وقد تتفاقم إلى حد اللجوء إلى التدخل الجراحي". * * الحركة بركة .. والنظام الغذائي المتوازن لا غنى عنه * وعن الإرشادات التي يمكن اتباعها لتفادي هذا النوع من الآلام أو التخفيف منها، نصحت المتحدثة بممارسة الرياضة بشكل منتظم، خاصة الحركات التي تقوي العمود الفقري، أو على الأقل المواظبة على المشي السريع لمدة نصف ساعة على الأقل، مما يضمن حركة لجميع أعضاء الجسم، وبمحاربة الوزن الزائد باتباع نظام غذائي متزن يتوفر فيه فيتامين "د" بكميات كافية. أما بالنسبة للأطفال، فتنصح الدكتورة بضرورة مراقبة طريقة جلوس الأطفال سواء في البيت أو في المدرسة، وحثهم على تعليق المحفظة على الكتفين معا وليس على كتف واحدة.