استعرض كتاب جزائريون وعرب وأجانب تجاربهم الأولى في الكتابة الأدبية وأجابوا عن كيفية دخول هذا المجال، فاختلفت الأعمال وكانت النتيجة واحدة، الشغف بالكتابة، واعتبروها الحب الأول وليست مهنة من أجل كسب المال أو الشهرة. وجمعت ندوة "تخطي المرحلة: كيف قررّت الكتابة" التي تندرج ضمن اللقاءات الأورو مغاربية الثامنة في إطار فعاليات "سيلا21" كلا من الكتاب عائشة البصري من المغرب وحسين بومرداس وفايزة مصطفى من الجزائر، وإليزابيتا رازي (إيطاليا) وبوغدان مونتيانو من رومانيا وسط غياب الروائيين أمين الزاوي وسمير تومي لأسباب غير معروفة. وقالت الروائية عائشة البصري إنّ سبب مرضها وحالتها الصحية المحرجة دفعتها إلى الانتقال من الشعر إلى الرواية، لتقول أشياء تكون شاهدة على الحياة من خلال ما عايشته دون أن يعني ذلك -حسبها- تركها الشعر فدائما الشاعرات لاسيما العربيات يختفين في مزاج الشعر ولا يقلن الحقائق. وأضافت البصري أنّ الكتابة الأدبية ليست قرارا يتخذه الكاتب للقفز نحو المجهول بل دوافعها شخصية وصدف. وعن نفسها أوضحت: "أحببت الكتابة منذ الصغر، كنت أتصفح الكتب التاريخية والصوفية وأنواعا أخرى كانت تحتويها مكتبة البيت، لكن كنت معجبة بالكتب البوليسية". وتابعت: "وما أثارني كتاب يتحدث عن تحقيق بوليسي حول قاتل فنانة، بعد أن فقدته في المغرب وبحثت عن في فرنسا، إلى أن قرأته وهو ما حببني أكثر في دخول عالم الكتابة لاسيما بعد أن توقفت 20 سنة عن كتابة أولّ قصيدة". وأكدّت أنّها لم تكن تتصور أن تتخطى عتبة المطبخ، لكن أصبحت كاتبة ونشرت أعمالا مختلفة وشاركت في معارض عديدة في العالم. وتشير الجزائرية فايزة مصطفى إلى أنّها اكتشفت قدراتها الإبداعية بعدما فازت بجائزة الامتياز في مسابقة الأدب النسوي التي ينظمها النادي الأدبي لدول البحر المتوسط بمدينة مرسيليا عن نصها "مروا على جسدي". وأكدّت أنّها كتبت مجموعة قصصية "أزرق جارح" وليست راضية عنها، لأنّ العمل الأدبي كالحب الأولّ بالنسبة إليها، لكن أجمل قصة كتبتها تقول: هي "عطر الكاليتوس" التي تتحدث عن طفولتها. ثم كتبت مجموعتها الثانية "البراني". ولفتت إلى أنّ هذه الأسباب منحتها فرصة للوجود في خارطة الكتابة الأدبية الجزائرية. وأوضحت فايزة مصطفى أنّ الكتابة ليست مصدر رزق بل ربما يبدو ذلك بالنسبة إلى من وصفتهم ب"المتسابقين على الجوائز" في دول الخليج، ولا تعتبرها مهنة بحكم ممارستها الإعلام الذي قالت عنه إنّه يقتل الإبداع واللغة الشعرية. وعبرّت: "أريد كتابة نصوص تعجب الآخرين، وربما يمكنني تقديم عمل مهم بعد 20 سنة". وتعتقد الإيطالية إليزابيتا رازي أنّ الكتابة خاصة وشخصية وتتعلق بأن يجد الكاتب طريقه شريطة أن يكون قارئا ليس لكتاب واحد بل للعشرات من الكتب حتى يستطيع تقديم عمل محترم. وعلّقت بأنّ السلبية في هذا الجانب تكن فيمن يقرأ كتابا واحدا ويكتب رواية؟ وذكرت المتحدثة أنّها كتبت محاولات في تاريخ الفن، لكن أول رواية لها لم تتعلق بالفن أو عن تجربتها في الصحافة، وإنّما كانت عمّا عايشته في حياتها وواقعها بل وما شدّ انتباهها وما لاحظته، لافتة إلى أنها تكتب أشياء عن نفسها وتعابيرها وهمومها وأوجاعها كأنثى. أمّا الروائي الروماني بوغدان مونتيانو فيشير إلى أنّه يريد أنّ يكون مختلفا في عالم الكتابة، لأنّ الكتابة عمل جيد ويحبها كثيرا. ولفت في السياق إلى أنّ النشر مختلف تماما عن الكتابة لأنه يحتاج إلى عمل كبير يتعلق بطباعة المؤلف ونوعية الورق وغيرها، أمّا الكتابة، أي النص، فهو عمل يحكم عليه القراء، مشددا في معرض حديثة على أن الكتابة تعتمد على القراءة وورشات الكتابة والموهبة اللتين تساعدان الكاتب في تقديم نص جيد.