يحيل رد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، على مطلب الأمين العام الأسبق للأفلان، عبد العزيز بلخادم، لإنشاء "قيادة مشتركة" للحزب، بعد رحيل عمار سعداني، إلى الحديث عن الدور القادم لعبد العزيز بلخادم في المشهد السياسي. وتحدث جمال ولد عبّاس، خلال ندوة صحفية بفندق الأوراسي في ختام اجتماع المكتب السياسي الموسع إلى نواب غرفتي البرلمان ووزراء الحزب بإسهاب عمّا جرى بينه وبين بلخادم، عندما اتصل به في إطار مساعي لمّ الشمل، وقال إنّ النقاش معه (بلخادم) قد أغلق نهائيا، بعدما فاجأه بإصدار تصريحات مخالفة تماما للحديث الذي جرى بين الطرفين بعيد تزكية ولد عباس أمينا عاما للأفلان. وذكر جمال ولد عباس أنّه تفاجأ كثيرا من تصريحات بلخادم، متفاديا الردّ على سؤال يتعلّق بما إذا كان بلخادم مقصى من الحزب بأمر من الرئيس بعد بيان رئاسة الجمهورية في 2014، الذي أنهى به مهام بلخادم كمستشار للرئيس، واكتفى بالقول إنّ الرئيس له فضل علينا جميعا، والرئيس هو من ساعد بلخادم ليكون أمينا عاما لكنّه ... دون أن يكمل الجملة. وكشف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، بعد تنصيبه، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من قبل الأمين العام الأسبق للحزب عبد العزيز بلخادم، دون أن يكشف عن فحوى المكالمة مكتفيا بالقول "مشاكل الحزب ووضعه الداخلي كانا محور الحديث"، بالمقابل كشف عن لقاءات واتصالات جمعته مع قيادات حزبية معارضة أبدت رغبتها في العودة وتجاوز خلافات الماضي . وقال ولد عباس، إن مضمون المكالمة الذي جمعته برئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز للخادم، صبت في جلها حول المشاكل الداخلية للحزب، قائلا "تم الاتفاق مبدئيا مع بعض القيادات الحزبية الغاضبة للعودة لأحضان الحزب العتيد.. والباب مفتوح للجميع". وأضاف أن اتصالات جمعته مع بعض القيادات الحزبية دون يذكرها بالاسم، مكتفيا بالقول "تلقينا اتصالات هاتفية وكتابية من بعض القيادات وهناك من تنقل إلى مقر الحزب"، مشيرا إلى أن بيت الآفلان كبير ويسع الجميع دون شروط، خاصة وأن هذه هي توصيات الرئيس الشرفي للحزب عبد العزيز بوتفليقة مصرحا: "أنا أطبق سياسة الرئيس في الآفلان". وانتقد الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، أداء الحزب في الفترة التي تولى فيها الأمين العام السابق عمار سعداني تسيير شؤونه، ممّا أدخل الحزب في عداء مع المحيط السلطوي بدوائره المختلفة، عبر تصريحاته النارية التي عجلت برحليه، على حد قوله. ورغم الرسائل الإيجابية التي أرسلها بلخادم لولد عباس بعد تنصيبه أمينا عاما جديدا للأفلان بقوله "حتى نكون أمناءً في أحكامنا، لا أحد يطعن في نضال جمال ولد عباس ولا في نضال عمار سعداني، كلنا مناضلون في الحزب"، إلّا أن العجلة لم تسر نحو توافق بين الرجلين حول شؤون تسيير الحزب. واقترح بلخادم "الذهاب إلى هيئة انتقالية تجمع كل الفرقاء السياسيين داخل الحزب حول هدف واحد وهو النجاح في الانتخابات التشريعية القادمة والتمكين للحزب بأن يبقى القوة السياسية الأولى"، وهي الخطوة التي لم تلق تجاوبا لدى القيادة الحالية للأفلان. ويثير إقصاء الأمين العام الحالي للأفلان، عبد العزيز بلخادم، من أي نقاش سياسي داخل الحزب مستقبلا، مسألة المسافة التي مازالت تربط بلخادم بدوائر صنع القرار وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، وهو المعروف عنه ولاؤه التام للرئيس بوتفليقة، مما جعل مواقفه لا تخرج عن إرادته السياسية. ويُفهم من تصريح ولد عباس، بأنه يطبق سياسة الرئيس في الأفلان، أن بوتفليقة رفع يده عن عبد العزيز بلخادم وقرر استبعاده من أي مسعى للم شمل فرقاء الحزب. ودخل رئيس الحكومة الأسبق، عبد العزيز بلخادم، في صراع مفتوح مع الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني، ولم يخف رغبته القوية في استعادة منصبه كقائد لهذا الحزب العتيد، بعد أن تمت تنحيته من منصبه كأمين عام للأفلان، خلال مؤتمر استثنائي عقد في جانفي 2013. وقاد بلخادم في 2004 انقلاباً داخلياً ضد أمين عام الحزب علي بن فليس، مما أدى إلى تجميد الحزب مؤقتاً قبل أن يستعيد نشاطه وينتخب بلخادم لمنصب الأمين العام في فيفري 2005. وكان بلخادم قد رأى قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 2014 أنه لا يجد ما يمنع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لفترة رئاسة رابعة، قبل أن يقود حملته الإنتخابية. وأصدر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة في أوت 2014، في خطوة غير متوقعة، مرسوما رئاسيا، يقضي ب"إنهاء مهام عبد العزيز بلخادم بصفته وزيرا للدولة مستشارا خاصا برئاسة الجمهورية وكذا جميع نشاطاته ذات الصلة مع كافة هياكل الدولة"، وفسرت وسائل الإعلام المحلية أن الخطوة تدل على خلافات شديدة داخل جبهة التحرير الوطني. وقال مراقبون، حينها، إن "إدراج عبارة وجميع نشاطاته ذات الصلة مع كافة هياكل الدولة مع قرار الفصل مؤشر على تبرؤ صريح من الرئيس بوتفليقة من بلخادم، خاصة أن الرئاسة لم يسبق لها يوما أن أدرجت هذه العبارة في مراسيم إنهاء المهام حتى حينما يتعلق الأمر بقرار تنحية". وحمل قرار التنحية أيضا بين طياته رهنا للمصير السياسي للأمين العام الأسبق للأفلان، خاصة أن بوتفليقة الذي لم يتفاعل أبدا مع أزمات الأفلان بشكل علني.