ندّد عشرات الفلاحين بولاية الوادي، بالارتفاع القياسي الذي تعرفه عديد المبيدات الفلاحية، وهو ما أدى بالكثير منهم إلى التخلي عن مزاولة النشاط الفلاحي، أو إفلاس العديد منهم ولجوء آخرين للاقتراض من أجل الحصول عليها، ويأتي بعد أن تعدى سعر بعضها خاصة تلك ذات الصنع الأجنبي 25000 دج وتراوح البعض الآخر بين 6000 و14000 دج. ووجّه عديد الفلاحين أصابع الاتهام إلى المحلات المتخصصة في بيع المبيدات والأسمدة الفلاحية والمتواجدة عبر البلدية المعروفة بإنتاجها الزراعي الكثيف، كما يضيف فلاحون، أن أصحاب هذه المحلات هم من قاموا برفع الأسعار، باعتبار أنها لا تستورده بل تشتريه هي الأخرى من مؤسسات التوزيع الكبرى في العاصمة، والتي تحتكر هذا النوع من الاستيراد، بل وتتحكم في سعره دون مراعاة لقدرة الفلاح الشرائية، خاصة وأن معظم البذور من النوع الهجين الذي يتطلب مستحضرات كيماوية حتى ينمو بشكل طبيعي. أكدت شريحة واسعة من الفلاحين، أنهم يلجؤون للاقتراض لسد العجز الذي أضحى يهدّد مزارعهم بالموت، نظرا لانتشار عديد الأمراض الفطرية الغامضة والفتاكة، حيث يكلف سعر هذه العلبة الواحدة من هذه المستحضرات، ما بين 6000 و25000 دج، ليصل متوسط ما ينفق على المبيدات الزراعية في الولاية قرابة 40 مليون سنتيم، فالمحصول على مراحل نضوجه بحاجة ماسة إلى الرش بالدواء بالمبيد وبغيرها من المستحضرات الكيماوية، ولا يكون للمحصول أي نجاح بل مرحلة النضج تتوقف مباشرة بعدم الرش والتزويد بالأدوية والمواد العضوية، فشركات التصنيع العالمية سواء للبذور الهجينة أو الأدوية ربطت بشكل مباشر تطوّر النبات بالدواء الذي صنعوه وصدروه، حتى يكون الربح مضاعفا، وهذا بعيدا عن محاولات الشركات الوطنية التصنيع في هذا المجال لإنهاء التبعية للشركات الأجنبية. ... ارتفاع أسعار المبيدات عالميا وتراجع قيمة الدينار سببا المشكل تشير مصادر عليمة من محيط كبار موزعي الأدوية وكذا المحلات المتخصصة في بيع المعدات والأسمدة الكيماوية الفلاحية الكبرى على المستوى الوطني، أن الصعود المحلي حتى الوطني لسعر الأدوية راجع لارتفاع سعرها بالسوق العالمية خاصة في هذه المرحلة التي تعرف تعرض عديد الشركات الكبرى المنتجة للأدوية الزراعية للإفلاس، تأثرا بالأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت دول الاتحاد الأوروبي والشرق الأدنى، علما أن هذه الشركات الأم المنتجة للأدوية من دول الاتحاد ولها فروع في الصين والهند. وتضيف ذات المصادر أن دخول السوق الجزائرية مع بداية الألفية لمجال المنافسة والسوق الحرة عرّض المخابر الفلاحية والمزارعين على حد سواء لجشع الموزعين الكبار، وتجار الجملة داخل البلاد أو خارجها، حيث تؤكد أرقام رسمية أن سعر الدواء يصل الفلاح سواء على مستوى الولاية، أو المستوى الوطني بضعفي السعر الحقيقي المعهود في كافة دول العالم نظرا لتعمّد تجار الجملة داخل الوطن استغلال صمت الفلاحين من جهة، وغياب النقابات والجمعيات المدافعة عنه من جهة أخرى في إلهاب الأسعار. .. مهندسون: "دواء مرتفع الثمن يعني تراجع في المحصول وربح الفلاح" ويضيف أحد المهندسين أن بقاء الأسعار على هذا المستوى قد يُكبّد الفلاحين خسائر جسيمة نظرا للحجم الهائل الذي يتطلبه الهكتار الواحد من الأدوية، حيث يتعدى إجمالي ما يستهلكه من أدوية نحو 40 مليون سنتيم، ناهيك عن تكاليف بعض الأسمدة الطبيعية التي يضيفها الفلاح أثناء مراحل نمو المحصول، ويؤكد ذات المتحدث، أن مراقبة الدولة لهذا الجانب الحيوي الذي يمس بقطاع الزراعة ليس في مستوى تطلعات الفلاحين، حيث تغيب المراقبة في بعض الأحيان كليا، خاصة أثناء عمليات الاستيراد التي يقوم بها تجار الجملة وكبار المؤسسات الصيدلانية، وإغراق الأسواق بأدوية باهظة الثمن لا يمكن للصيادلة الصغار من خلالها أن يساهموا ولو بدرجة طفيفة في تلطيف السعر وبيعه للمزارعين مناسبا. المزارعون ناشدوا وزير الفلاحة وكذا مدير الفلاحة بالوادي العمل على مراقبة أسعار الأدوية ودعمها، خاصة بالنسبة للمحلات الخاضعة لسعر السوق الدولية وكذا الحيلولة دون وقوعهم في مضاربات المخبرين والتجار الموزعين من خلال خلق لجان وزارية للمراقبة، خاصة في مواطن التوزيع والاستيراد حيث تتلاعب "لوبيات" المال بأسعار الأدوية، بل يتعدى هذا إلى الغش في أنواع الأدوية ومصادرها كالتي تستورد من الصين، وتباع على أنها من دول الاتحاد الأوربي لتكون أكثر طلبا وأغلى سعرا، وأقل فاعلية بالسنة لنجاح المحصول وربح المزارعين.