بمجرد نشر الشروق اليومي للقائمة الاسمية المحتملة للأقدام الجزائرية التي ستشارك في كأس العالم القادمة بجنوب إفريقيا حتى تحولت إلى الحدث الكبير الذي يهم ّ جميع المواطنين من دون استثناء، فغرقوا في تحليل مواطن الضعف والقوة لكل لاعب، وتساءلوا واحتجوا أيضا عن غياب بعض الأسماء التي يرون قدرتها في أن تقدم المطلوب في مهمة هي الآن ما يشغل الجزائريين، رغم أن مشاكلهم تكبر مع كل كرة ثلج يقذفونها يوميا .. وفي المقابل لا أحد مهتم بالتشكيلة الحكومية المحتمل الإعلان عنها في قريب الآجال، وحتى عندما تعلن لن يزيد الاهتمام بالقائمة أكثر من قراءة الأسماء. * هل هذا وعي أو لا مبالاة؟ هل هذه حالة صحية أم مرضية؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها، بينما مختلف القطاعات أبانت عجزها في فك العقدة التي تداولت الأسماء على فكها وكانت تزداد تعقيدا، وهذا باعتراف المسؤولين أنفسهم وحتى رئيس الجمهورية في مناسبة سابقة اعترف أن قطار التنمية لم يسر بالسرعة التي كان يرجوها أو على الأقل وفق الطوفان المالي الذي تهاطلت زخاته على الجزائر منذ عشرية كاملة بفعل ارتفاع أسعار المحروقات. * الجزائريون منقسمون هذه الأيام في أروقة عديدة، قليل منهم يفكر في كيفية قضاء عطلته الصيفية في جنوب إفريقيا لمتابعة مسيرة المنتخب الوطني، والأغلبية تبحث عن بطاقات تفك بها شفرات المتابعة الكروية عبر قنوات العالم الكبرى، فهم متفقون على أن تألق منتخبهم الكروي في جنوب إفريقيا هو ما يشرح صدورهم ويثلجها من أجل حياة أفضل معنويا، ولا أحد منهم همّه ما يجري في الكواليس السياسية، لأن الكرة بالنسبة إليهم سجال يوم لهم كما كان في عامي 1982 و1986 وكما سيكون هذا العام، ويوم عليهم كما كان في السنوات الأربع والعشرين السابقة.. أما في السياسة فقد اقتنعوا أن لا سجال فيها فكل الأيام عليهم، وسحب الحقيبة الوزارية من هذا ومنحها لذاك لن يغير شيئا في حياة مواطنين ألفوا تغيير المناصب والأسماء دون أدنى تغيير للواقع، فكم حمل حقيبة الصحة من وزراء ومنهم أطباء، والمرض واحد إن لم نقل إنه صار مزمنا وحالته أشبه بالموت الكلينيكي؟ وكم حمل حقيبة السكن من وزراء ومنهم مهندسون معماريون والناس مازالت تسكن الجحور والقصدير؟ وكم حمل حقيبة النقل من وزراء وميترو العاصمة يرفض أن يسمعنا زفيره؟ رغم أن الوزراء الجدد سيجدون أمامهم بحبوحة مالية لو أرادوا بها شق الطرق في الجبال لاستطاعوا ولو أرادوا بها بناء قصور للمواطنين على سطح القمر لتمكنوا من ذلك. * نعود لنسأل.. مَن الأهم بالنسبة للمواطن الجزائري .. قائمة اللاعبين الذين سيمثلون منتخب بلادهم في كأس العالم؟ أم قائمة الوزراء الجدد الذين يمثلون مشاكلهم في الحقبة القادمة؟ أم الإثنين معا؟ .. هو سؤال يصلح لأن يكون موضوع سبر آراء نعرف من خلاله مدى حب الجزائريين لبلدهم من جهة من خلال التفافهم حول فريق كرة سيجعل الجزائر تذكر في الإعلام العالمي بعيدا عن أنباء التفجيرات والاغتيالات، ومن جهة أخرى نعرف درجة القنوط التي بلغوها بسبب تشابه السياسات المتبعة من مختلف الوزارات حتى ازدادت الهوة بين المواطن والإدارة ولكنها هوّة لم تغير من حبه لبلاده ولو في الجلد المنفوخ .. الناس مهمومة بمتابعة لاعبي الكرة الجزائريين في مختلف البطولات الأوربية وحتى الآسياوية وهم مستعدون لأن يشتروا البطاقات بالملايين لفك الشفرات ليس عشقا في الكرة وإنما تمسكا بالأمل، ولكنهم قد لا يتابعون نشاط الوزراء الحاليين والقادمين برغم تفضل القناة التلفزية بتغطية نشاطاتهم الكثيرة وبالتفصيل "الممل فعلا"من دون تشفير ومن دون دفع مليم واحد للتفرج عليهم. وما بين الحب الجنوني للبلاد والقنوط همّ آخر لا بد للقائمة الاسمية للوزراء المحتملين من فكّه حتى لا يبقى لاعب الكرة أهم من حامل الحقيبة الوزارية في بلد مشاكله بحجم ثرواته الطبيعية التي لا تنضب.