مذابح السودان تملك شهادة الجودة العالمية وتصدر لأكثر الأسواق صرامة حمّل المتعاملون الاقتصاديون وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، مسؤولية التأخير في منح الاعتمادات الضرورية لاستيراد اللحم السوداني، بالرغم من إعلان الحكومة وجود إرادة سياسية في استغلال العروض التجارية والاقتصادية التنافسية، التي قدمتها حكومة الخرطوم لنظيرتها الجزائرية. وعبر متعاملون خواص مهتمون باستيراد اللحم السوداني، تحدثت إليهم "الشروق"، عن استغرابهم من تماطل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في حسم مسألة منح الرخص، التي طال انتظارها، بالرغم من أن عروض اللحم السوداني بلغت اهتمام الحكومة منذ أزيد من ستة أشهر، ولقي استحسانا، بل وتحمسا كما جاء على لسان أكثر من مسؤول، وفي مقدمتهم وزير الفلاحة، رشيد بن عيسى، نفسه. وأكد المستثمرون أن التعامل مع السوق السودانية، أفضل للحكومة والمستهلك الجزائري، من حيث الجودة والأسعار، بالمقارنة مع التعامل مع أسواق أمريكا اللاتينية، وأوربا الشمالية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على الأسعار النهائية عند الاستهلاك، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن من أمريكا اللاتينية وأوربا الشمالية، والتأمين نحو الجزائر، بالمقارنة مع اللحوم السودانية، التي يمكن استيرادها مباشرة نحو السوق المحلية بتكاليف أقل وجودة عالية، على اعتبارها لحوما طازجة، وليست مجمدة، على عكس تلك المستوردة من الأسواق الحالية التي تتعامل معها الجزائر. اللحوم السودانية تصدر لأكثر الأسواق صرامة وقال المتعامل بلاط، الناشط في مجال تحويل اللحوم، إنه انتقل إلى السودان مباشرة بعد إعلان مسؤولين عن رغبة الحكومة الجزائرية، في الاستفادة من عروض اللحم السوداني، وزار عددا من المذابح خلال معرض الخرطوم في شهر فيفري المنصرم، وأكد وقوفه على "النوعية الجيدة للحم السوداني، وسلامة ماشية هذا البلد من الأمراض الحيوانية، التي يمكن أن تنتقل إلى المستهلكين، فضلا عن حصول مذابحها (السودان) على شهادة مطابقة الجودة (إيزو)". وأضاف المتحدث أن اللحوم السودانية تصدر لأكثر الأسواق صرامة في العالم، في المجالات الصحية والفيتو صحية، على غرار سوق الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، التي تستورد ملايين الرؤوس سنويا من السودان، لاستعمالها في نحر أضاحي الحجاج. ومعروف أن الكثير من بلدان الخليج، أقامت مزارع نموذجية في السودان لضمان أمنها الغذائي في مجال اللحوم الحمراء، كما أكد وزير الفلاحة السوداني في وقت سابق، عرض حكومة الخرطوم لأزيد من 125 ألف هكتار على الحكومة الجزائرية، لاستغلالها، إلا أن الأخيرة لم ترد بالإيجاب على العرض السوداني. عراقيل متواصلة رغم تنصيب اللجنة المختصة ويأتي هذا التماطل في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تسريع إجراءات عملية استيراد اللحوم السودانية، تحسبا لشهر رمضان المعظم، الذي يوجد على الأبواب، بهدف الحد من عمليات المضاربة التي أصبحت "رياضة وطنية" خلال شهر الصيام، كما جاء على لسان، المكلف بالإعلام بوزارة التجارة، فاروق تيفور، الذي أكد في اتصال مع "الشروق" إقرار المجلس الوزاري المشترك، بإنشاء لجنة مشتركة بين وزارتي التجارة والفلاحة والتنمية الريفية، كلفت شركة مساهمات "برودا" باستيراد اللحوم وتوزيعها على مناطق البيع المحلية، بأسعار تتماشى وخصوصيات القدرة الشرائية للمواطن الضعيف. وبالرغم من تنصيب هذه اللجنة، إلا أن وزارة الفلاحة لم تحل المشكلة بعد، بحيث قوبل كل المتعاملين الذي طلبوا الترخيص باستيراد اللحوم السودانية، بالتسويف، في انتظار حسم هذا الملف، بناء على قرار لازال مؤجلا، تصدره مديرية الصحة الحيوانية بوزارة الفلاحة. وزارة الفلاحة: هناك دفتر شروط يتعين احترامه وردا على انشغالات المتعاملين الاقتصاديين، الذين رموا بالكرة في مرمى وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، لم تجد هذه الأخيرة، من بد سوى التهرب من تقديم إجابات مقنعة بخصوص التأخر الحاصل في تحديد المعالم الرئيسية لدفتر الشروط، الذي يحكم العملية، على الرغم من التجربة والخبرة، التي تتوفر عليها الوزارة في التعامل السابق، مع بعض المتعاملين الذين كانوا يحتكرون استيراد لحوم "الجيفة" المجمدة من أمريكا اللاتينية، وبعض دول أوربا الشمالية، بأسعار تفوق أسعار اللحم السوداني طازجا. وإذ لم تتمكن "الشروق" من الاتصال بمدير الصحة الحيوانية بالوزارة، جراء انشغالاته بتنظيم الملتقى العربي للتنمية الزراعية، المقرر بالجزائر اليوم، على اعتبار أنه المسؤول عن الفريق البيطري المكلف بمعاينة سلامة اللحوم المستوردة، إلا أن مسؤولا بالوزارة رفض الكشف عن هويته، قال أن الجزائر تتعامل عادة مع بلدان لها دراية واسعة بشروط الصحة الحيوانية بها، دون توضيحات أكثر، في إشارة إلى أن الحكومة الجزائرية لم تصل بعد إلى معاينة سلامة اللحوم السودانية.