تخلى وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، برنارد كوشنير، عن موقفه الرافض لأي اعتراف بجرائم فرنسا في الجزائر، وقال في حوار لجريدة "القدس العربي"، السبت، إن فرنسا "ارتكبت جرائم مروعة في الجزائر وعليها الاعتراف بذلك". قال كوشنير للصحيفة العربية المعروفة "صحيح أن فرنسا ارتكبت جرائم مروعة في الجزائر، وعلى فرنسا الاعتراف بذلك، لأن هناك وقائعا وأحداثا لا يمكن إنكارها"، ويأتي هذا بعدما كان كوشنير يرفض الحديث في هذا الملف أيام الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، بل وعُرف وقتها بتصريحه الشهير "ستتحسن العلاقة بين فرنساوالجزائر عندما يرحل جيل نوفمبر!"، ويعني بذلك المجاهدين الذي أخرجوا فرنسا من الجزائر بقوة السلاح. ويطرح "انقلاب" كوشنير "السريع" على موقفه "المتصلّب" من الماضي الاستعماري في الجزائر أسئلة حول الأسباب التي دفعته إلى هذه الخطوة، في هذا التوقيت الانتخابي الفرنسي الكبير!؟ فهل يبحث كوشنير، مثلا، عن منصب في حكومة "ماكرون"، في حال انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية، خاصة أنه قال ل"القدس العربي" إنه سيصوّت لماكرون وأثنى عليه بالأوصاف الحميدة! واستدرك كوشنير في حواره ل"القدس العربي"، قائلا "لكنني أرفض بدوري هذا التوصيف (جرائم مروعة)، وأعتقد أن ماكرون لم يكن موفقا في التعبير الذي استخدمه. إذا لم تكن زلة لسان، بسبب حماسة مفرطة، فهي محاولة لاستمالة الناخبين الفرنسيين من أصول جزائرية. لا يمكن معالجة هذا النوع من الملفات الحساسة، وهذا التاريخ المثخن بالجراح والآلام عبر تصريحات غير محسوبة العواقب". ومضى كوشنير يقول "فرنسا ليس لها الجرأة للاعتراف بكل ما اقترفته من جرائم أثناء الحقبة الاستعمارية لأن الحكومات المتعاقبة لم تكن لها الشجاعة الكافية لفعل ذلك، ولو فعلت، فأكيد أن هذا الأمر سيعمل على تحسين العلاقات بين البلدين، وسيحس أبناء الجيل الثالث والرابع من الفرنسيين من أصول جزائرية، بأن فرنسا تحترم بلد آبائهم وأجدادهم. الحكومات الفرنسية المتعاقبة لم تجرؤ على إغلاق هذا الملف بشكل نهائي، كما فعلت باقي الدول الأخرى مثل بريطانيا. لكن أعتقد أن المسؤولية مشتركة بين فرنسا من جهة، والنظام الجزائري من جهة أخرى، الذي لم يعمل يوما على طي هذا الملف، من أجل بدء علاقات جديدة مبنية على الاحترام المتبادل". وربما يشير كوشنير إلى عدم "تخلّي" الجزائر عن حقها في المطالبة بالاعتراف والاعتذار والتعويض!