رغم تطمينات وزارة التجارة بخصوص حل مشكل الحليب، إلا أن وهران كغيرها من الولايات، لا تزال ترزح تحت بطش المضاربين الذين لم يكفهم رفع سعر الكيس، بل راحوا يعاقبون أحياء ومجمعات بأكملها عن طريق تذبذب توزيع الحليب. وهي المعطيات التي جعلتنا نفتح تحقيقا معمقا لمعرفة الحلقة الضائعة والسبب الجوهري في تواصل أزمة الحليب. هي فئة يطلق على تسميتها موزعو الحليب، هم في الأصل مجموعة من الشباب يملكون شاحنات، مهمتهم التنقل إلى نقاط بيع الحليب لجلب كميات معتبرة وتوزيعها على المحلات والمتاجر المنتشرة عبر تراب الولاية. وفي هذا السياق، أفاد متحدث باسم الموزعين، بأنهم يعانون الأمرين، سواء مع أصحاب المحلات أم حتى الزبائن العاديين الذين يتهمونهم باختلاق الأزمة، رغم أنهم لا دخل لهم في كل ما يحصل، حسب ما أفاد به المتحدث الذي وجه أصابع الاتهام إلى كبار الموزعين الذين في نظره هم من يقفون وراء الندرة من خلال انتهاج سياسة المكيالين، حيث يتم المفاضلة بين المشترين من أصحاب المحلات والمتاجر. فمنهم من ينال حصصا معتبرة ويتحصل على امتيازات كبيرة، في حين يتم التعامل مع باقي الموزعين بازدراء وتمييز. والأكثر من ذلك، يرجع إليهم السبب في ارتفاع سعر كيس الحليب، طالما أنهم يفرضون تسعيرة مرتفعة تقدر ب 26 دينارا للكيس، ما يجبر الموزعين وبعدهم أصحاب المحلات على بيع الكيس ب 30 دينارا رغم أن الوزارة الوصية شددت على بيع الكيس إلى المواطن ب 25 دينارا. وفي هذا الصدد، يناشد المتضررون ضرورة التدخل لردع المخالفين الذين وجدوا في تجارة بيع الحليب وسيلة لجني الأرباح وتحقيق الثراء على حساب غبن المستهلك، مصنفين تلك الطبقة التي تحتكر تجارة توزيع الحليب بالمافيا التي لا تهاب قوة القانون، بدليل أنهم يطبقون شروطا غير قانونية على الموزعين الصغار مثل إجبارهم على مرافقة كميات الحليب العادي بحليب البقر الذي يباع في المحلات ب 55 دينارا. وهو ما جعل الكثير من الزبائن يعزفون عن اقتنائه، وبالتالي يتكبد حياله أصحاب المحلات خسائر كبيرة، مشيرين إلى غياب شروط النظافة بتلك المواقع التي يتجمع فيها هؤلاء لبيع الحليب إلى الموزعين الصغار، وهو ما قد يعود سلبا على صحة المستهلك.