في مبادرة أولى وفريدة من نوعها على المستوى الوطني تمكن سكان قرية أث كوفي بولاية تيزي وزو مؤخرا من جمع أكثر من 9 ملايير سنتيم، من أجل توسيع الطريق الرابط بين قريتهم ومقر البلدية الممتد على بعد 5 كلم. بسبب الغياب التام للسلطات المحلية والولائية التي تجاهلت مطالبهم الكثيرة، بعد أن تعمدوا ترك سكان القرية يتعذبون بعيدا عن الأضواء، ما حرمهم من أدنى شروط الحياة الكريمة، فضل سكان عرش أث كوفي ببوغنى التشمير عن سواعدهم من أجل تغيير الوجه البائس لقريتهم، حيث قام المجلس القروي مؤخرا بالشروع في أشغال توسيع الطريق الرابط بين مقر الدائرة والقرية على مسافة تفوق 5 كلم، وهذا بالاعتماد على تبرعات المواطنين والتجار، حيث بلغ المبلغ المالي الذي تم جمعه أكثر من 9 ملايير سنتيم، وتم ذلك بطريقة منظمة عن طريق تشكيل خلية تقوم بجمع اشتراكات من أصحاب السيارات والحافلات تقدر ب 1000دج شهريا، فيما يتصدق سكان القرية والزوار إلى المنطقة بأموالهم من أجل الإسراع في إنهاء الأشغال التي وصلت نسبة تقدمها إلى 90 بالمائة، كما تبرع الكثير من المواطنين بأراضيهم لتوسيع الطريق، وهذا أمام الغياب الكلي لدعم السلطات المعنية التي تنتظر موعد انتهاء أشغال توسيع الطريق من أجل تدشينه ومشاركة السكان فرحتهم. وقبل انطلاق مشروع توسيع الطريق الذي مر منه العشرات من الوزراء خلال تنقلهم إلى زاوية سيدي علي أويحي بعرش آث كوفي، لا يظهر للزائر إلى تلك القرية الهادئة البائسة المطلة بمناظرها الخلابة على جبال جرجرة الشامخة إلا مناظر صادمة، ألفنا مشاهدتها في المدن التي عادة ما تستيقظ على آثار الدمار من جراء الحرب أو الزلزال، بسبب حالة الطريق الضيقة والكارثية، التي ترهق الراجلين قبل أصحاب السيارات، خاصة عندما تغمرها مياه الأمطار التي تمتزج عادة بالنفايات المنزلية التي ترمى في كل جانب، فتجرها السيول، وصولا إلى انعدام أدنى ظروف الحياة.. وهذا رغم أن هؤلاء المعذبين ب"آث كوفي" سبق لهم أن تلقوا خلال كل المواسم الانتخابية الأطنان من الوعود المعسولة من طرف المترشحين الذين وعدوهم بتحويل القرية إلى جنة "لكن لا جنة ولا هم يحزنون"، حسب تعبير السكان الذين قرروا الاعتماد على أنفسهم بتنظيم "ثويزي" لتغير وجه القرية. للتذكير، فإن قرية أث كوفي التاريخية التي تقع على سفح جبال جرجرة، تعتبر من أكبر القرى بولاية تيزي وزو ومات من أجلها 370 شهيد، لكنها عانت الحرمان منذ الاستقلال والدليل أن القرية لم يتم توصيلها بالكهرباء إلى غاية سنة 1984، بعد أن قام شباب المنطقة بتنظيم أكبر حركة احتجاجية تتمثل في غلق محطتي توليد الكهرباء بمنطقتهم، كما أن هذه الأخيرة تعتبر آخر قرية بولاية تيزي وزو يتم ربطها بالغاز الطبيعي، وهذا رغم الطبيعة القاسية للمنطقة التي تتميز بالبرودة الشديدة شتاء.