وأخيرا، عثرت قناة الجزيرة على الرد المناسب لمن يريد غلقها، حيث فضلت العودة إلى المربع الأول الذي حققت من خلاله نجاحا باهرا وكسبت شعبية لا تضاهى منذ انطلاقتها قبل 25 عاما، حيث عادت لتركز على القضية الفلسطينية وتبث صورا مباشرة وحصرية، بلا توقف عن أحداث المسجد الأقصى، لدرجة أزعجت فيها حكومة الكيان الصهيوني التي سارعت للتهديد بغلق مكتبها في القدسالمحتلة!! لكن من المفارقات المهمة، أنه حتى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لا يريد إغلاق الجزيرة، بل يهددها وينتظر اتخاذ إجراء ديمقراطي وبرلماني في سبيل الرد عليها، في الوقت الذي سارع فيه عدد من الدول العربية إلى المطالبة بمنع القناة القطرية فورا، وتشريد عمالها بالكامل، والسبب، أن الجزيرة باتت تنشر خطاب الكراهية والعداء وتبث التفرقة وسط الأمة!! وقد سخرت "الجزيرة" في الأيام الماضية ومنذ اندلاع أحداث الأقصى، فريق عملها بالكامل في فلسطينالمحتلة لمتابعة التطورات، ناهيك عن إلغاء معظم برامجها، والتكيف مع الحدث الجلل، حتى أن قضية الحصار المفروض على قطر تحول إلى مجرد خبر عابر في النشرات، وقد يراد من وراء ذلك، اصطياد عصفورين بحجر واحد، فمن جهة تكسب "الجزيرة" رهانها الشعبي في العودة لأحضان فلسطين مجددا، ومن جهة ثانية، تخفف من شدة التنابز والتراشق بالاتهامات بينها وبين الإعلام الموالي لما يعرف بدول الحصار، وتحديدا السعودية والإمارات. ولم تكتف الجزيرة الإخبارية بقناتها الرئيسة لنقل أحداث الأقصى وإنما استنفرت أيضا قناتها الثانية "الجزيرة مباشر" وألغت حتى البرامج المتعلقة بالشأن المصري والتي تعتبر طاغية على هذه القناة منذ تغييب "الجزيرة مباشر مصر" والاكتفاء بقناة "مباشر العامة"، فيما تبدو الجزيرة الانجليزية، في اتجاه مختلف، حيث تهتم أكثر بأخبار أمريكا اللاتينية واحتجاجات فنزويلا، وأيضا بما يقع في الولاياتالمتحدة وحتى باكستان! عودة الجزيرة للشأن الفلسطيني، وهي التي نجحت في كسب تأييد شعبي واسع عقب العدوان المتكرر على غزة من خلال تغطيتها الشاملة والمتميزة، وضعت القنوات الأخرى في حرج كبير، وتحديدا "سكاي نيوز عربية" التي لا يبدو أنها تريد التخلي عن خطها الافتتاحي الجديد بالنيل من سمعة قطر وحكامها، لكن القناة التي يوجد مقرها في أبوظبي قد تجد نفسها مضطرة للتخفيف من حدة هجومها في الأيام المقبلة، والتركيز أكثر على فلسطين أيضا بعد ما ضيعت الكثير من النقاط التي كسبتها عقب تأسيسها، حيث نظر الجميع إليها كمنافس شرس وقوي للجزيرة في ظل تراجع قناة "العربية" واهتمامها بالشأن الخليجي أكثر.