تحضر قيادة حزب جبهة التحرير الوطني، لحركة في أوساط المحافظين، تقصي بموجبها العديد من الأسماء التي تورّطت في إعداد قوائم المترشحين للمجالس البلدية والولائية خارج الأطر النظامية، ما تسبب في وقوع موجة من الاحتجاجات والتجمعات شملت العديد من الولايات بما فيها العاصمة التي كان المقر المركزي للحزب أحد مسارحها. وذكرت مصادر موثوقة من داخل أروقة الحزب العتيد أن أمناء المحافظات المعنيين بالتوقيف عددهم تسعة لحد الآن، وقد تتوسع لاحقا، وقد تم تجميد نشاطهم مؤقتا، فيما تم إرجاء الكشف عن أسمائهم إلى ما بعد الانتخابات المحلية، تفاديا لحدوث قلاقل جديدة، قد تؤثر على تحضير الحزب لموعد ال23 نوفمبر المقبل. وكان ولد عباس قد أصدر في جويلية المنصرم، تعليمة حدد من خلالها آليات ومعايير الترشح للمجالس الشعبية البلدية والولائية، تم بموجبها إنشاء لجان ترشيحات على مستوى البلدية والولاية، غير أن الكثير من القوائم، لم تنبثق عن هذه الآليات ولم تحترم فيها المعايير والشروط المحددة لانتقاء المترشحين، وهو ما تسبب في حدوث احتجاجات أربكت قيادة الحزب وأثرت على انسجام القاعدة النضالية، قبل أسابيع معدودة عن موعد الاستحقاق. ويأتي هذا في الوقت الذي يعيش فيه الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، واحدة من أصعب الفترات التي عاشها على رأس "الأفلان" منذ خلافته لعمار سعداني قبل نحو عام من الآن، بسبب "التلاعب" الواسع الذي طال جل قوائم المرشحين، حسب المحتجين، الذين أكدوا في أكثر من مناسبة أن بعض القوائم لم تمر عبر القنوات الرسمية، ولم تحترم فيها حتى التعليمة التي وجهها ولد عباس سابقا لقسمات ومحافظات "الأفلان". التمرد على قيادة الحزب أخذ في الاتساع وأصبح يتعاظم من يوم لآخر، ولعل الأحداث التي شهدتها محافظة حسين داي بالعاصمة أمس، مؤشر على هذا، فيما بدأت الاحتجاجات تأخذ طابعا نظاميا، جسدته دعوة أعضاء اللجنة المركزية لانعقاد الدورة العادية للجنة المركزية للانعقاد قبل انطلاق الحملة الانتخابية للمحليات المقبلة. وما زاد من عزلة ولد عباس هو التذمر الذي يعيشه أعضاء المكتب السياسي، الذين تم إقصاءهم من المشاركة في إعداد قوائم المترشحين، إثر تكليف لجنة متكونة من وزراء سابقين وحاليين للقيام بتلك المهمة، التي تعتبر من صميم مهام المكتب السياسي، المتهم بالتورط في توظيف المال الفاسد في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حسب أطراف في الحزب. ويلوم الكثير من مناضلي وإطارات الحزب جمال ولد عباس على صمته إزاء ما يحدث، الأمر الذي كان وراء مطالبتهم "الإطلاع على الكيفية التي تم بها إعداد القوائم للمحليات وتغييب هياكل الحزب وعدم احترام القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب"، بيان لبعض أعضاء اللجنة المركزية، طالبوا من خلاله ب"تشكيل لجنة من ذوي الاختصاص تتولى جردا دقيقا للممتلكات وللحسابات المالية للحزب"، و"محاسبة المتورطين في تعاطي الرشوة أثناء إعداد ووضع قوائم المترشحين لاستحقاق ماي 2017".