كان يعتز بلقبه دماغ العتروس، قلت له "التيس أي العتروس ذُكر في الشعر العربي كرمز للمقاوم الصّلب، في الريف الجزائري إذا تناطح عتروسان وتُركا يتناطحان لا بد أن يموت أحدُهما إن لم يُفضَّ العِراك. لعلمك يا العربي ، أن الشاعر العربي البدوي علي بن الجَهْم وقف مادحا الخليفة العباسي هارون الرشيد فقال له: أنت كالكلب في حِفظك للودّ وكالتّيس في قِراع الخُطوب أي أنت مجاهد صلب كالتيس أي العتروس ، فسخط كبير الحراس على الشاعر، فقال له هارون الرشيد ، دعه إنه بدوي لا يعرف سوى الكلب والتيس، لكنه شاعر مجيد دعوه يقيم في قصور بغداد أسابيع وسترون كيف يتحول شعره وهذا يشير إلى ثقافة الحاكم العربي عندما كان العرب يعيشون نهضة راقية. وتم ذلك فنعِم الشاعر بمحاسن بساتين بغداد وجمال فتياتها، فأنشد بيته الغزلي المشهور : عُيون المَها بين الرُّصافة والجِسْر جلبْن الهوى من حيث أدري ولا أدري فصار هذا البيت على كل لسان مشرقا ومغربا. فما كان من العربي دماغ العتروس إلا أن قال لي "بفضل العتروس جدت علينا بهذه القصة الجميلة عن هارون الرشيد وعن بساتين وحسان بغداد وعن شعراء اللغة العربية، وهذا البيت الغزلي حفظته وأنا تلميذ صغير لكن لم أكن أعرف خلفياته، فشكرا لك يا عثمان. فقلت له أزيدك قصة عن هذا البيت تشير كيف كانت المرأة العربية مثقفة، يروي أبو الفرج الإصفهاني في كتابه الأغاني، أن صديقين كانا واقفين قرب حيّ الرصافة في بغداد، فمرت أمامهما حسناء فغازلها أحدهما بلطف فقال "رحم الله علي بن الجهم" ، فأجابته قائلة: "رحم الله أبا العلاء المعري"، وانصرفت، زميل هذا صاح فيه "لقد تكلمتما بألغاز ماذا تقصدان؟" فأجابه قائلا : عندما قلت لها رحم الله علي بن الجهم أقصد بيته المشهور : عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري وعندما أجابتني بقولها رحم الله أبا العلاء المعري تقصد بيته: أيا جارتا بالحَزْن إنّ مَزارها قري بٌ ولكن دون ذلك أهوالُ والفتاة كانت متجهة لحيّ الحَزن فصاح العربي قائلا: "كل هذه الروائع الأدبية ذكرت بفضل العتروس فشكرا للعتروس وشكرا لك يا عثمان" . رحم الله العربي الذي اختار جده من ريف الحروش بسكيكدة لقب العتروس وهو مؤمن بالمقاومة للمستعمر الفرنسي.