تعرف مهنة النجارة، مؤخرا، تراجعا لافتا، حيث دق النجارون ناقوس الخطر بفعل غلاء المادة الأولية والتي تضاعفت القطعة الخشبية الواحدة حجم15×76 من 550 دينار إلى 1400 دينار، والقطعة الخشبية 15×38 من 330 دينار إلى 800 دينار للمتر الواحد، أما في ما يخص الخشب الصلب فحدث ولا حرج، حيث أن المتر المكعب قد قفز من 8.5 ملايين إلى 16 مليون ما يشكل فارقا مهولا يتسم باللاشرعية والفحش يدفع ثمنه النجار المهدد بالإفلاس والبطالة، في ظل غياب ظروف إنتاج وعمل ملائمة في الشلف والولايات المجاورة وعلى المستوى الوطني عموما . وحسب ما صرّح به نجارون ل"الشروق"، فإنّ غلاء المادة الأولية بصورة فاحشة تزامنا وتحديد الحصص المستوردة، خلق ظروف عمل غير طبيعية لمنتسبي مهنة النجارة، حيث أن الزيادات المذكورة أنفا من الصعب أن يتقبلها السوق، حيث ستؤدي لمضاعفة أسعار الأثاث والسلعة مهددة بصورة واضحة بالكساد والانتقال طرديا لمواد أخرى أقل ثمنا واقتصادية تلائم جيب المواطن كالألمينيوم والحديد. ولم يكف هذا الغلاء نقمة وبلاء على النجارين ليضاف إليها غياب الخيارات، حيث أن النجار ملزم لدى محال البيع بالتجزئة بأخذ السلعة الموجودة لا غير في ظل التقتير المتواجد في السوق فيأخذ نوعية رديئة ويشتغل عليها ليبيعها بثمن ينقص فيه من فائدته لحوالي النصف أو أكثر كي يسوق ولا يتكدس، وإلا فإنه سيربطه فوق رأسه كما وصف أحد النجارين الأمر باللفظ العامي الدارج. وأكد النجارون أن الحرفة تحتضر، حيث أصبحوا نهاية هذا العام في ظروف صعبة نتيجة قلة التسويق وشبح حوادث العمل والأخطار والديون ومستحقات الضمان الاجتماعي وأجرة العمال والمتكونين والكراء وزيادة أسعار الطاقة والكهرباء، أين تكالبت عليهم الظروف وتداعت في ظل غياب الصوت المدافع والمنافح عن حقوقهم، وظهر شبح الإغلاق والإفلاس والمتابعات القضائية ماثلا أمام أعينهم، مع العلم أن عددا كبيرا من منتسبي المهنة هم من حملة قروض وكالة أونساج وصندوق كناك وقد حان موعد السداد، ولكن تقلبات السوق أضحت مأزقا يؤرقهم منذ شهر رمضان الماضي إلى الآن في ظل قلة المداخيل المالية التي لن تعمر بالمهنة طويلا إذا ما واصلت الظروف ذاتها فرض نفسها في السوق. وقد ضم من جهتهم نجارو ولاية باتنة صوتهم لصوت نجاري ولاية الشلف أين أكد ممثل عنهم في اتصال مع الشروق أن الوضعية متشابهة مع تجار الغرب بل وربما أسوأ، أين أحصي وبالأرقام غلق وتعطل 45 ورشة في ولاية باتنة، مرجعا السبب الأساسي لغياب مراقبة واضحة لسوق الخشب والتي لم تقدم فيها السلطات العمومية على وضع معيار قار لتسقيف الأسعار أو مراقبة المستفيدين من الحصص الذين يقللون العرض في السوق بمنطق الاحتكار ورفع الأسعار، ما تسبب بصورة مباشرة في هذه الحالة التعيسة، رغم أن الفائدة الاقتصادية والتشغيلية والاجتماعية ظاهرة للعيان، وما على السلطات سوى طلب البيانات الرسمية من الإدارات المرافقة للنجار في الإدارات المرتبطة بالسجل التجاري والضمان الاجتماعي وسيتضح للعيان أهمية هذه الفئة ومساهمتها غير القابلة للنقاش في الاقتصاد الوطني وتنويعه كما تقول الحكومة كل مرة ولكن في ميدان النجارة لا يرى أي إجراء من هذا القبيل. كما أن جانب البديل فيما يخص الإنتاج المحلي للخشب لا يزال بعيدا عن المتناول القريب؛ فعلى مستوى ولاية الشلف يتساءل أهل المهنة عن دور السلطات العمومية في السعي لأخذ حصة معينة باسم ولاية الشلف على الأقل، حيث أنها تحتضن ميناء تنس التجاري المعروف باستيراده للخشب والحديد ويحدها من الجنوب ولاية تيسمسيلت التي سيجسد فيها أحد الخواص أكبر مصنع للخشب في منطقة الونشريس، بينما يبقى النجار في الشلف وما جاورها من ولايات البليدة وعين الدفلى وتيبازة وغليزان وحتى باتنة والشرق الجزائري يتنقل لمناطق بعيدة داخلية وساحلية من أجل هذه المواد.. ويناشد في الأخير النجارون وزيري الصناعة والتجارة التدخل الشخصي في هذا المشكل المطروح، خاصة وأنه مشكل وطني مرتبط بالسلم الاجتماعي وحقوق اليد العاملة الجزائرية التي لا تطلب سوى استقرار للأسعار كي تعاود دولاب نشاطها وتستعد حصتها السوقية وتدفع مستحقاتها تجاه مختلف الفاعلين.