خلف قرار الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، تأجيل الدورة العادية للجنة المركزية للحزب إلى الربيع المقبل، استغرابا واستنكارا واسعين لدى قيادات وإطارات ومناضلي الحزب. وكان من المفروض أن تلتئم اللجنة المركزية في دورتها العادية في نهاية شهر أكتوبر المنصرم، غير أن ولد عباس قرر تأجيلها بحجة أن انعقاد الدورة في موعدها، من شأنه أن يؤثر على التحضير الجيد للانتخابات المحلية التي أجريت في نهاية الشهر المنصرم، وتقدم فيها حزبه بفارق صغير عن غريمه، التجمع الوطني الديمقراطي. وتوقع قيادات وإطارات الحزب أن يعمد ولد عباس إلى عقد الدورة نهاية الشهر الجاري، حتى لا تُضرب المنظومة القانونية للحزب عرض الحائط، غير أن ترحيل الموعد إلى الربيع المقبل كرّس ما كان يخشاه الجميع في القوة السياسية الأولى في البلاد. وينص النظام الداخلي للحزب على أن اللجنة المركزية تنعقد مرة واحدة على الأقل في السنة في دورة عادية، بعد التعديل الذي أدخل على القانون في المؤتمر الأخير المنعقد في مارس 2015، علما أن اللجنة المركزية كانت تنعقد مرتين على الأقل في السنة، وفق المادة 60 من النظام الداخلي المعدل في المؤتمر التاسع المنعقد في 2010. ومعلوم أن آخر دورة عادية للجنة المركزية كان في أكتوبر 2016، وهي الدورة التي شهدت استقالة الأمين العام السابق، عمار سعداني، واستخلافه من قبل الأمين العام الحالي، جمال ولد عباس، ما يعني أن تأجيل انعقاد الدورة التي كانت مقررة شهر أكتوبر المنصرم، إلى مارس المقبل، يرفع من عمر هذه الدورة إلى ما يقارب السنة والنصف، وهو أمر مرفوض من الناحية القانونية، لعدة اعتبارات، أولها تجاوز المدة القانونية المحددة في النظام الداخلي، والتي يجب ألا تتعدى سنة واحدة على الأكثر، وثانيها دخول الدورة المؤجلة المحيط الزمني للدورة المقبلة، أي دورة 2018، الأمر الذي قد يحدث تداخلا في الدورات المقبة. وبعيدا عن التداعيات القانونية لتأجيل انعقاد الدورة العادية إلى الربيع المقبل، فإن المراقبين منصبون في البحث عن خلفيات هذا التأجيل الذي صدم الكثير من إطارات الحزب. وفي هذا الصدد، تتطابق رؤى الكثير من المراقبين بشأن التأجيل، وتؤكد بأن ولد عباس يستهدف من وراء قراره هذا، امتصاص غضب قيادات وإطارات الحزب جراء الإخفاقات التي تكبدها "العتيد" في الاستحقاقيين الأخيرين (الانتخابات المحلية والتشريعية). ويدرك ولد عباس أن الممارسات التي أرساها في الانتخابات التشريعية، والتي اتّهم خلالها باستبعاد أبناء الحزب "الحقيقيين" وتعويضهم بمترشحين من أحزاب أخرى، فضلا عن استبعاد المكتب السياسي في التداول بشأن قوائم المترشحين في المحليات الأخيرة، يضاف إلى ذلك تسليم قرار الحزب إلى أطراف من خارجه حسمت في هوية المترشحين، كل هذه الأسباب، جعلت ولد عباس يتوجّس من الذهاب إلى عقد الدورة قبل نهاية العام الجاري، لأن "رأسه" سيكون في "اللعب"، كما يقول المثل السائر.