جلول بكاوي رفقة ابنه البكاء، العدل، النهر، البرودة والمخيم.. كلمات اشتقت من اسم عائلة القتيل، ومن مكان وفاته، وارتبطت بالقصة المأساوية لعائلة "بكاوي عدلان"، قصة بدأت من بلاد الحرمين وانتهت بمخيم نهر البارد بلبنان.. من شاب يبحث عن الطمأنينة والسكينة بزيارته البقاع المقدسة إلى جثة تبحث عن هوية واثبات النسب.. من أب يحلم بعودة ابنه لحمل عبء العائلة عليه إلى والد متقاعد طلب من وزير التربية أن تكون هدية تقاعده تحقيق حلمه في استعادة جثة ابنه.. انتظر هدية ابنه من العمرة، فوجد نفسه يبحث عن جثته في مقبرة الغرباء بلبنان،زار مقر الشروق اليومي، جلول بكاوي أب القتيل عدلان، بخطى متثاقلة ودموع محتبسة بعينيه، وبيدين ترتجفان حاول البحث في ملفاته المحملة بكل الوثائق التي تثبت وفاة ابنه في لبنان، وكذا رسائل الاستغاثة التي وجهها لعدة مؤسسات وهيئات من أجل مساعدته في استرجاع جثة ولده، وراح يروي لنا مأساته وقصة عدلان بكاوي الشاب المولود في 1983 بحي باش جراح الشعبي، والذي كان يمارس مهنا حرة عديدة، حيث قال الأب إن عدلان خرج في أوت 2006 من المنزل، باتجاه البقاع المقدسة لإحياء مناسك العمرة، وطال غيابه عن الجزائر، غير أن اتصالاته لم تنقطع، حيث كان يتصل هاتفيا بوالديه وإخوته التسعة، ليطمئنهم على نفسه، وفي أفريل2007 انقطعت اتصالاته وأخباره، وأضاف الأب أن هذا الانقطاع جعله يتصل بالسلطات الجزائرية، هذه الأخيرة طلبت منه التوجه إلى الصليب الأحمر الدولي في العاصمة لتقديم طلب بخصوص فقدان ابنه، وهذا ما قام به فعلا، وفي ال16 من ديسمبر 2008 اتصل به الصليب الأحمر الدولي في الجزائر وأبلغه نبأ مقتل ابنه، بتاريخ 02 سبتمبر2007 كمقاتل في صفوف حركة "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد بلبنان، وتم التعرف على ابنه باعتراف شهود كانوا تعرفوا عليه وذكروا لهم بأن المتوفى هو بكاوي عدلان الملقب في تنظيم "فتح الإسلام" بأبي زبيدة الجزائري. الحمض النووي يكشف هوية الجثة رقم 28A القضية فتح الإسلام - مخيم نهر البارد، المرجع رقم 4/مجلس عدلي/2007، رمز القتيل 466، وضع القتيل معرف، رمز الجثة الجديد ح ش90، ورقمها القديم 28A، الاسم الكامل للقتيل عدلان بيكاوي - أبو زبيدة الجزائري، مكان الجثة الحالي مقبرة الغرباء.. هي بعض مما كتب من معلومات في "وثيقة إثبات الوفاة" التي سلمت للأب من قبل وزارة العدل للجمهورية اللبنانية العام الماضي، بعدما أجرى الوالد تحليلا للحمض النووي الخاص به في لبنان من أجل إثبات هوية الجثة رقم 466، والتي تتضمن أيضا رمز البصمة الوراثية والملاحظة التي تثبت المقارنة الإيجابية مع البصمة الجينية العائدة لأمه وأبيه مع بصمته، إضافة إلى اسمه الكامل واسم أمه وسنه ومكان ولادته، وكذا جنسيته واسمه المستعار، كما سلمت له وثيقة أخرى من قبل الهيئة ذاتها مفادها أنه بعد إجراء التحاليل المخبرية المتعلقة بمقارنة البصمات الوراثية أتت النتيجة ايجابية "لذلك نعلمكم أنه ثبت دون أدنى شك أن الجثة التي تحمل الرمز ح ش 90 والمدفون في مقبرة الغرباء في طرابلس والتي حددنا لكم موضعها في الخطيطة المرفقة ربطا هي بكل آسف عائدة لولدكم عدلان جلول بيكاوي الملقب بأبي زبيدة الجزائري" تضيف الوثيقة الموقعة من قبل قاضي التحقيق العدلي غسان منيف عويدات في بيروت ديسمبر الفارط.. مع العلم أن ما يدعى الخطيطة عبارة عن قائمة برموز لجثث شبيهة برمز جثة عدلان تحمل 119رمز، وكتب في مطلع الوثيقة "خطيطة لمدافن عناصر عصابة فتح الإسلام الذين لم يتم التعرف عليهم والذين تم دفنهم في مقبرة الغرباء في طرابلس"، كما أخبروه أن هذه الجثث يتم دفنها في صناديق حتى يسهل نقلها لأماكن أخرى.. قال إنه لا يعرف كيف وصل ابنه لنهر البارد..الأب يؤكد: "لم أكتشف نشاط ابني المسلح إلا عن طريق الصليب الأحمر" أكد جلول والد القتيل أنه لا يعرف الطريقة التي وصل عدلان بها من الجزائر إلى مخيم نهر البارد في لبنان، وكيف دخل تنظيم "فتح الإسلام"، مرجحا على ضوء ما وصله من أنباء أنه قد يكون ابنه راح ضحية للشبكات التي تقوم بتجنيد المقاتلين، مضيفا أنه قد يكون قصد العراق عن طريق سوريا، وبما أن الجماعة التي استدرجته لم تستطع الدخول للعراق مكثوا في سوريا وانتقلوا بعدها للبنان وأرسلوا من خلالها إلى حركة "فتح الإسلام" بنهر البارد، غير أنه نفى أن يكون عدلان على علاقة بالجماعات الإرهابية في الجزائر أو أي تنظيم مشبوه فيه، كما لم يكن له أي ارتباط بأي حزب أو منظمة، ولم تظهر عليه ملامح التشدد والتعصب الديني، يضيف جلول، وكل المعلومات التي تقول إنه كان ينشط في حركة فتح الإسلام فقد استقاها من زيارته لبيروت ومن الصليب الأحمر الدولي التي زوده ببعض بها. لا العدل.. لا التربية.. ولا الخارجية حققوا حلمه وسط الصدمة التي تلقاها الأب الفاقد لابن كان ينتظر قدومه من بلاد الحرمين ووجد نفسه يتلقى الأخبار من جهات من خارج الوطن تؤكد أنه جثة دون هوية، وبعد إثبات هوية ابنه، لجأ جلول بيكاوي والد القتيل إلى السلطات الجزائرية، بدءا بوزارة التربية التي ترجّى أن تكافئه في يوم حفل تقاعده بتحقيق حلمه المتمثل في استعادة جثة ابنه، تلتها سلسلة من رسائل الاستغاثة - حسبه - إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ووزارة العدل، والخارجية وكذا اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، والهلال الأحمر الجزائري، قصد مساعدته إداريا وماديا في استعادة جثة ابنه من مقبرة الغرباء بطرابلس اللبنانية، لكنه لم يتلق لغاية اليوم أي رد من قبل هذه الهيئات يدخل الفرحة لقلب عائلته. "الدستور يمنحني حق استرجاع جثته.. لِمَ تحرمونني من حقي" "الحقوق الدستورية وحقوق المواطنة تمنحني الحق في استرجاع جثة ابني القتيل في لبنان، لِمَ تحرمونني من هذا الحق" هي الكلمات التي كان يرددها جلول الذي قال إنه لم يترك بابا إلا وطرقه من أجل نقل جثمان عدلان من لبنان إلى الجزائر وإعادة دفنه، مضيفا أن سفارة لبنان بالجزائر أكدت له أنه لا تملك أي هيئة هذه الصلاحية سوى وزارة الخارجية الجزائرية، وهي المخولة الوحيدة باستعادة الجثة بالتعاون مع سفارة الجزائر في لبنان وبالتنسيق مع السلطات اللبنانية، مضيفا أنه تعب من محاولاته المتكررة ورسائله التي يوجهها باستمرار لمختلف الجهات المعنية بالأمر، من أجل الظفر بالصندوق الذي يحوي جثة ابنه، القابعة في مقبرة الغرباء بطرابلس.