كثرت عثرات وزيرة وزارة التربية، نورية بن غبريط، وزادت هفواتها في احتواء الغضب الذي يجتاح قطاعها، وضعٌ كان وراء "ترحّم" الكثير من العارفين بشؤون القطاع، على مرحلة وزير التربية الأسبق، أبو بكر بن بوزيد، الذي وعلى الرغم من نقائصه، إلا أنه كثيرا ما تمكن من احتواء الوضع كلما وصل إلى درجة الاحتقان. السنة الدراسية باتت قريبة من "السنة البيضاء"، ومع ذلك لا تزال اللغة المفضلة لدى بن غبريط، هي التهديد والوعيد، وهو الأسلوب الذي لم يجد نفعا، بعد مرور ما يقارب الأربعة أشهر من الاحتجاجات. وجاء تكليف أويحيى لوزير العمل مراد زمالي، كي يقوم بمهمة الوساطة بين النقابات التي تقود الاحتجاج من جهة ووزارة التربية من جهة أخرى، ليؤكد حصول يقين لدى الحكومة بعدم نجاح بن غبريط في احتواء الوضع، ومن ثم تسجيل فشل جديد للمسؤولة الأولى على القطاع، في إدارة صراعها مع الأساتذة المضربين. وليست المرة الأولى التي ترسب فيها بن غبريط في اختبار إدارة الأزمات داخل قطاعها، بسبب تعنتها وعدم إدراكها لخطورة بعض القرارات التي ما انفكت تصدر عنها. ومازال الجميع يتذكر ذك القرار الذي اتخذته الوزيرة عندما أقصت الآلاف من المتخلفين عن امتحانات شهادة البكالوريا الصائفة المنصرمة، قبل أن يتدخل الوزير الأول حينها، عبد المجيد تبون، بتكليف من الرئيس بوتفليقة لإعادة تنظيم دورة أخرى لتمكين المتخلفين من استدراك ما فاتهم. كما يتذكر المراقبون أيضا كيف كاد قرار بن غبريط بتقليص مدة العطلة الدراسية، في الموسم السابق، أن يدخل البلاد حالة من الفوضى بعدما خرج الآلاف من التلاميذ إلى الشارع للتعبير عن رفضهم لذلك القرار، ما اضطر الوزير الأول الأسبق، حينها، عبد المالك سلال، إلى التدخل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها قبل فوات الأوان. وقبل ذلك، خلفت بعض قرارات الوزير جدلا لا يزال مستمرا، لاسيما ما تعلق بإعطاء أهمية أكبر للغة الفرنسية على حساب اللغة الإنجليزية بالرغم من الفارق الشاسع من حيث الأهمية بين اللغتين عالميا، يضاف إلى ذلك دحرجة موقع التربية الإسلامية في المنظومة التربوية، وتقليص الحجم الساعي لمادة الشريعة، وما أثير عن إدراج هذه المادة في المواد المعنية بالامتحان في شهادة البكالوريا، فضلا عن الأخطاء الكارثية التي تضمنتها بعض كتب "الجيل الثاني". ورغم كل ما سبق، إلا أن بن غبريط يبدو أنها لم تستفد من عثراتها السابقة، برأي متابعين، ففي الوقت الذي يقود وزير العمل مهمة الوساطة بينها وبين النقابات المحتجة، تخرج بتصريح يحمل الكثير من الاستفزاز والهروب إلى الأمام، اشترطت من خلاله توقيف الإضراب مقابل مباشرة الحوار مع المضربين. مثل هذا التصريح لا شك أنه سيؤثر على جهود الوساطة، كما من شأنه أن يزيد من توتير الأمور بين المسؤولة الأولى على القطاع وشركائها الاجتماعيين، لأن لغة التهديد والمساومات عادة ما تفضي إلى لا شيء. وفي ظل هذا الاحتقان، تأتي دعوة منظمة أولياء التلاميذ الرئيس بوتفليقة التدخل من أجل وضع حد للأزمات التي يعيشها قطاع التربية..فالطرفان المتصارعان (الوزيرة والنقابات المضربة) بات استمرارهما معا غير ممكن، ومن ثم فلا حل إلا بذهاب أحدهما.. فبمن ستكون التضحية؟ هل بمستقبل القطاع أم بالوزيرة بن غبريط؟ وإن كان هذا لا يعني أن النقابات "بريئة" من "التخلاط" وممارسة سياسة الضغط ولي الذراع واتخاذ التلاميذ رهائن، لتحقيق أهداف ومطالب، حتى وإن كان بعضها مشروعا، فإنها تبقى عند الكثيرين، حقّ يُراد به باطلا.