متخوفون ومرهقون، وحالتهم النفسية مضطربة.. لكن حبهم للدراسة وأملهم في النجاح باق، وإصرارهم على إيجاد الحلول متواصل.. هم تلاميذ الثانويات الجزائرية المهددون بين السنة والسنة وبين الحين والحين بإضراب أساتذتهم وتضييع فرصة النجاح عليهم في امتحان مصيري يتعلق بشهادة البكالوريا... تلاميذ من ثانويات البليدة أبوا إلا أن يوصلوا رسالتهم إلى السلطات العليا وإلى الوزيرة نورية بن غبريط على وجه الخصوص، فاستقبلتهم جريدة "الشروق اليومي"، ليعبروا على الأضرار التي لحقت بهم جراء إضرابات ما كان حسبهم أن تكون بهذه الطريقة. التلميذ عماد الدين بن سيدي موسى: الإضراب أثر على نفسياتنا واستنزفت طاقتنا أكد التلميذ عماد الدين بن سيدي عيسى، أن مرحلة إضراب الأساتذة والتي استمرت لشهرين، كانت مرحلة إرهاق نفسي للتلاميذ، موضحا أن بعض زملائه الذين يقطنون مثله في مناطق بعيدة عن متقنة هواري محفوظ بأولاد عيش، يضطرون لقطع مسافات من أجل حضور ساعة أو ساعتين لدراسة بعض المواد التي لم يضرب أساتذتها، مما يضيعون أوقات هم في حاجة إليها لاستدراك المواد البيداغوجية الضائعة بمراجعتها في البيت أو فهمها في حصص الدروس التدعيمية. وقال عماد الدين "كنت أعود إلى البيت مرهقا وما إن أفكر في المراجعة ليلا حتى يدركني النعاس بسبب التعب في النهار".. ولم يخف عماد الدين تخوفه من البكالوريا ، خاصة وأن شعبة التقني رياضي التي يدرس فيها تضم مواد صعبة، وتحتاج لشرح دقيق وتركيز عال، ووصف حالة الرعب والارتباك التي يعيشها يوميا خاصة مع اقتراب موعد امتحان شهادة البكالوريا. وقال إن إشاعة وجود جهات تحرض التلاميذ على خلق الفوضى في المؤسسات التربوية وزرع البلبلة وسط زملائهم، لا أساس لها من الصحة، وأن زملاءه على قدر كبير من الوعي وإن احتجاجهم أو رفضهم للإضرابات ما هو إلا تعبير حقيقي عن مدى الأضرار التي لحقت بهم. ودعا نقابات الأساتذة إلى عدم الدعوة إلى تجديد الإضراب، قائلا "إذا كان لديهم حقوق فلا يضيعوا التلميذ ويجعل منه وسيلة للوصول إلى مصالحهم".
التلميذة شيماء حرازي: أنقذونا ولو بالمستخلفين حتى لا يضيع مستقبلنا! "لا نريد سنة بيضاء.. وضياع عام آخر"، هكذا بدأت التلميذة شيماء حرازي حديثها، منددة بالوضع الذي وصل إليه حال زملائها في ثانوية قصار عبد الرحمان بالبليدة، حيث قالت إنها اضطرت لدفع 2000 دينار شهريا حتى تتمكن من مراجعة مادة اللغة العربية، لعلها تستدرك ما ضاع منها من دروس وهي التي ستدخل امتحان شهادة البكالوريا هذا العام في شعبة لغات أجنبية. بشيء من الخوف، كانت تتكلم عن مشكلتها ومشكل العشرات من التلاميذ مثلها، وما تركته الإضرابات المتكررة من أثر، حيث قالت "إن دخول الأساتذة في إضراب كل مرة، كبد أوليائهم مبالغ كبيرة في الدروس الخصوصية"، وأنها مضطرة لحفظ التاريخ والجغرافيا حفظا تاما لعلها تعوض إخفاقها في المواد الأخرى. وعبرت عن تخوفها الشديد من رسوبها في امتحان البكالوريا، جرءا النفسية المضطربة وغياب الدعم الكلي والتحفيز الذي يلعب الأستاذ دوره، وقالت عن المراجعة الفردية والاتكال الشخصي على مراجعة وحفظ الدروس لا يمكن أن يحقق الهدف المرجو، وقد وجهت رسالة إلى ممثلي قطاع التربية تؤكد من خلالها استغاثة ملحة من طرف التلاميذ المرشحين للبكالوريا، فهم حسبها، يقبلون حتى المستخلفين كي لا يضيع عامهم هكذا سدى.
التلميذ عبد الوهاب عماري: الإضراب فتح الباب على مصراعيه لانحراف التلاميذ رفض التلميذ عبد الوهاب عماري، سنة ثالثة بقسم علوم تجريبية بثانوية الفتح بالبليدة، رفضا قاطعا استغلال الأساتذة المضربين لتلاميذهم من أجل تحقيق مصالح شخصية، وكشف أن حالة التعفن بلغت إلى حد تحريض التلاميذ للتظاهر أمام مديريات التربية، ليواصل قائلا " بركات.. التلميذ ضحية النقابات" . واعتبر ضيف منتدى "الشروق"، أن تعنت الأساتذة المضربين لا يشرف لا المؤسسات التربوية ولا حتى مسارهم المهني، على اعتبار أنهم سيتسببون بطريقة أو بأخرى في رهن مستقبل مئات التلاميذ، الذين اضطروا للتوجه نحو مدارس الدعم الخاصة لاستدراك ما ضيعوا من دروس، معتبرا ما يقوم به الأساتذة لا يليق بالمنصب الذي يشغلونه. وعرج المتحدث على قرار استنجاد وزارة التربية الوطنية بالأستاذة المستخلفين لكسر إضراب "الكناباست"، حيث دعا التلاميذ بضرورة الالتزام بالدروس التي يقدمونها بدل الانسياق وراء الإشاعات التي تحاول إفشال أي طريقة لتمكين التلاميذ من استدراك الدروس، حيث كشف في هذا السياق، عن محاولة بعض الأستاذة المضربين تحريض تلاميذهم لعدم حضور الدروس، ووصل إلى حد مطالبتهم بالخروج إلى الشارع والاحتجاج أمام مديريات التربية. من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن تواصل الإضراب فتح الباب على مصراعيه للتلاميذ للانحراف خارج أسوار المؤسسات التربوية، مناشدا الأساتذة المضربين للتفكير ولو قليلا في مستقبل التلميذ .
التلميذة أكساس منار: تكليف الأساتذة المستخلفين حل ترقيعي اعتبرت التلميذة منار أكساس، سنة ثالثة تخصص لغات أجنية، أن لجوء وزارة التربية الوطنية للاستعانة بالأساتذة المستخلفين من أجل كسر الإضراب، بمثابة حل ترقيعي لا يصب في صالح التلميذ . و أوضحت "ضيفة" الشروق"، أن التلميذ وجد نفسه تائها من أمره أمام أساتذة جدد، لا يتقنون حتى كيفية ترسيخ فكرة في ذهن التلميذ، وهو ما استدعى توجه جل التلاميذ، لا سميا المقبلين على شهادة البكالوريا، إلى الدروس الخصوصية، التي تكلف بعضهم حوالي 4 آلاف دينار شهريا في مادتين فقط، وناشدت القائمين على قطاع التربية بإيجاد الحلول التي من شأنها أن تضع حد ل 3 أشهر إضراب، وأمام التأخر الكبير في الدروس، يبقى التلميذ الخاسر الأكبر في الصراع الذي القائم بين وزارة بن غبريط ونقابة "الكناباست" .
التلميذة وسام جنادي: دخلنا دوامة دروس خصوصية على أيدي أساتذة غير أكفاء عبرت التلميذة وسام جنادي، بكل أسف عن تخوفها الشديد من إخفاقها في نيل شهادة البكالوريا لهذا العام، والتي لم يبق إلا 4 شهور عن موعد امتحانها، وقالت "ربما لديهم الحق ولكن عليهم أن يراعوا حالنا.. اغلبنا يلجأ إلى الدروس الخصوصية ويضع الأولياء في أزمة وضيق". ونددت بالإضرابات التي تطال الصحة والتعليم في الجزائر، في حين أن الدول المتقدمة تعول في تطورها على هذين القطاعين، مضيفة أن الأساتذة الذين دخلوا في إضراب منذ شهر نوفمبر الفارط، أهملوهم، وقطع بعضهم التواصل معهم مما اثر على نفسية التلاميذ وأفقد شهيتهم في تتبع دروسهم ومراجعتها في البيت. وقالت أنها مقبلة على شهادة البكالوريا، فهي تدرس في شعبة اللغات الأجنبية في ثانوية قصار عبد الرحمان بالبليدة، ولديها شقيقة مرشحة أيضا لهذا الامتحان المصيري، وقد وجدتا نفسيهما في أزمة مالية منعتهما من دروس الدعم في مواد ضرورية واكتفتا باللغة العربية فقط. وتأسفت لوقوع التلاميذ ضحايا أساتذة غير أكفاء يتحكمون في الدروس الخصوصية.
التلميذة براسي منال: نحن ضحايا.. وعلى الحكومة التحرك لإنقاذ مستقبلنا ذكرت التلميذة، براسي منال سنة أولى بثانوية قصار عبد الرحمان بالبليدة، أن تواصل الإضراب لثلاثة أشهر ضيع آلاف التلاميذ الذي لم يستوعبوا إلى حد الآن ماذا يحدث بين الوصاية والأساتذة، ووجدوا أنفسهم في متاهات تنعكس سلبا على مسارهم التعليمي. وأضافت المتحدث، أن الأساتذة المضربين الذين يرفضون وقف الإضراب أعطوا الانطباع أن المؤسسة التربوية باتت بعيدة كل البعد عن أهدافها وبرامجها التعليمية، وتحولت إلى فضاء لتحقيق المصالح الشخصية، بدليل أن هؤلاء لا يراعون الإحباط النفسي وتراجع التحصيل للدراسي للتلاميذ الذين وجدوا أنفسهم 3 أشهر من دون دراسة، وطالب الحكومة ممثلة في وزارة التربية الوطنية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الإضراب، بعيد عن تلك الحلول الظرفية التي لا تخدم التلاميذ.
التلميذة أميرة سايغي: استدراك الدروس الضائعة في وقت قياسي أرهقنا.. "نحن في حالة شد ومد بين دروس الدعم والذهاب إلى الثانوية.. بعض الأستاذة كانوا يعاقبوننا على الغياب وهم في حالة الإضراب فأخلطوا علينا الأمور وأرهقونا"، هذا ما قالته التلميذة النجيبة أميرة سايغي والتي تدرس السنة الثالثة في متقنة هواري محفوظ بأولاد عيش بالبليدة، فهي متأسفة عن تضييع ساعات في دراسة مواد مهمة وأساسية في وقت تعودت فيه أن تتحصل على معدلات فصلية تصل إلى 14 على 20. وقالت إن استدراك الدروس الضائعة من طرف الأساتذة الذين كانوا مضربين عن العمل، في وقت قصير ودون شرح كاف، ولد ضغطا نفسيا وجهدا إضافيا للفهم لدى التلاميذ، وأرهقهم لدرجة أنهم لم يستطيعوا التوفيق في الدراسة في البيت أو الفهم من خلال الدروس التدعيمية. وأكدت أميرة، أن الأساتذة المضربين وعدوهم بأن يتواصلوا معهم خلال الإضراب، ولكنهم لم يساعدوهم في شرح بعض الدروس التي كانوا يقرأونها بمفردهم ومن الانترنت، وأنها اضطرت إلى أن تدفع شهريا 1200دج في دروس خصوصية حول الرياضيات.
التلميذ السوري عبود عمرو: لا أفهم كيف يحل الإضراب مشاكل المدرسة قال التلميذ عبود عمرو والذي التحق بالتعليم في الجزائر منذ سنة 2012، بعد أن اضطرته الأوضاع في بلاده ادلب بسوريا إلى ذلك، إن من حق الأساتذة الجزائريين أن يضربوا وان يوجهوا مطالبهم إلى الوزارة ولكن ليس بهذه الطريقة التي تؤثر على التلميذ بالدرجة الأولى. وتمنى التلميذ السوري الذي يدرس سنة أولى في ثانوية عبد الرحمان قصار بالبليدة أن تنفذ مطالب الأساتذة المضربين حتى يشعر الجميع بالراحة، مؤكدا اعتراضه على طريقة الإضراب. وتأسف كونه لاجئا سوريا رحبت به المدارس الجزائرية، عن تضييع أعوام في هكذا إضرابات، حيث أكد التحصيل العلمي في سوريا أفضل من الجزائر. واعتبر أن وضعه التعليمي مقارنة بالتلاميذ الجزائريين، أصعب بكثير لأنه وجد اختلافا في المنهاج وفي تعلم اللغات الأجنبية خاصة الفرنسية، الأمر الذي يتطلب حسبه، متابعة منظمة ومن دون أي إزعاج من طرف إضرابات متكررة.