قال سيمون سلامة، المرشح اليهودي للانتخابات البلدية في قائمة حركة النهضة التونسية (إسلامية)، إن ترشحه كمستقل في دائرة المنستير (شرق) على قائمة الحركة جاء في إطار التعامل مع "حزب مدني"، فتح قوائمه أمام المرشحين المستقلين، و"منفتح على الحداثة"، حسب ما نقلت وكالة الأناضول للأنباء، الأربعاء. وتُجرى الانتخابات البلدية، في 6 ماي المقبل، وهي أول انتخابات من نوعها منذ ثورة 2011، وتقدمت قوائم حزبية وائتلافية ومستقلة للتنافس في 350 دائرة بلدية. وقررت حركة النهضة، وهي الكتلة البرلمانية الأكبر (68 نائباً من أصل 217)، خوض الانتخابات بقوائم حزبية، تضم بالتناصف أعضاء في الحركة ومستقلين، لتصبح أول حزب يضم مستقلين إلى قوائمه في هذه الانتخابات. وفي دائرة محافظة المنستير، مسقط رأس الرئيس الأول لتونس بعد الاستقلال (1956)، الحبيب بورقيبة، يتقدم سيمون سلامة (55 عاماً) في قائمة النهضة، وهو مواطن تونسي يهودي الديانة، أصبح أول يهودي ينضم مستقلاً إلى قائمة الحركة الإسلامية. وأثار قرار الحزب، الشريك في الائتلاف الحكومي تقديم المرشح اليهودي سلامة، جدلاً في تونس كونه يتعارض نظرياً مع القاعدة الفكرية للحزب ذو المرجعية الإسلامية. وقال متحدث باسم حركة النهضة، الثلاثاء، إن تقديم الحزب لمرشح يهودي في الانتخابات البلدية هو لتأكيد سياسة الانفتاح، وفصل النشاط السياسي عن الدعوي للحركة. وأضاف المتحدث باسم الحزب والنائب في البرلمان عماد الخميري، إن الترشيح يعد خطوة عادية في الحزب، ولا يتضارب مع سياسة الانفتاح على المستقلين بغض النظر عن ديانتهم، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ). وكانت حركة النهضة أعلنت في مؤتمرها العاشر في 2016 قرارها فصل الأنشطة الدعوية عن البرامج السياسية للحزب، في خطوة تهدف إلى طمأنة شركائها في الحكم لاحترام مدنية الدولة وإعلاء قيم الجمهورية. من هو سيمون سلامة؟ عن نفسه قال سلامة: "أنا مواطن من مدينة المنستير ديانتي يهودية، وأبلغ من العمر 55 سنة، نشأت في المنستير في كنف أسرتي، التي نشأت في المدينة منذ عقود، واختص جدي في إصلاح آلات الخياطة". وأضاف: "في حي الربط بالمنستير تجد المسجد بجانب الكنيس اليهودي والكنيسة المسيحية، ورغم اختلاف الأديان بين أبناء المدينة، فإن المواطنة تجمعهم كما يجمع الوطن جميع أحزاب البلاد". وتابع: "لما بلغت السنة السادسة من التعليم الثانوي توجهت إلى ستراسبورغ (فرنسا)، حيث حصلت على دبلوم تقني في صيانة آلات الخياطة، بعد ثلاث سنوات من الدراسة". وأردف: "فضلت العودة إلى تونس، والاستقرار في مدينتي المنستير، رغم فرصة العمل التي توفرت لي في فرنسا، وها أنا اليوم أمارس مواطنتي، وأترشح للانتخابات البلدية في قائمة حركة النهضة". لماذا حركة النهضة؟ وبشأن دوافع اختياره لحركة النهضة للانضمام إلى قائمتها الانتخابية، قال سلامة، إن "دين حركة النهضة هو الإسلام، وهي منفتحة على الحداثة، واعتبرها حزباً مدنياً". ومضى قائلاً: "لا تشعر داخل الحركة بأنك في منظومة إسلامية منغلقة، بل نراها منفتحة على الحداثة والتقنيات الحديثة، ولفت ذلك انتباهي خلال لقاء تحضيري مع قيادات جهوية ووطنية في إحدى نزل الجهة، ورأيت منهم أفكاراً مبهرة". وأضاف أن "كل مواطن يهودي في كافة أنحاء الجمهورية عليه أن يطمئن بأن ينخرط في العمل الحزبي والجمعياتي، ولا خوف في ذلك". وشدد على أن "تونس تتسع للجميع، وتتعايش فيها الديانات المختلفة، ونحن نريد أن نحافظ على النمط التونسي نفسه، الذي اعتدنا عليه، فبلادنا منفتحة على كافة الأديان والأجناس والأعراق". كتلة توافق كبيرة وحول ما إذا كان يعتبر ترشحه إنجازاً أجاب سلامة بأن "حركة النهضة مدت لي يدها، ولم أرفض الطلب، وأعرف جيداً أن للحركة أنصار في تونس، ولذلك وضعت نفسي بين أياد أمينة". وتابع: "أما الإنجاز فهو الذي سيكتبه التاريخ، فلننتظر ماذا سيكتب التاريخ.. فكرت بصفتي مواطناً، وأردت أن تكون مشاركتي إنجازاً في تاريخ المنستير". وعن رأيه في الشأن العام السياسي قال إنه "يوجد صدام بين الأحزاب وإقصاء، لكن لابد أن تقبل جميع الأطراف بعضها من أجل تونس، ويجب أن تتوفر في البلاد كتلة توافق كبيرة كي تتقدم تونس". تشجيع اليهود ورداً على سؤال بشأن جدوى تجربته الانتخابية أجاب سلامة: "لو نجحت تجربتي في الانتخابات لبلدية ستشجع يهوداً آخرين على الانخراط في الانتخابات التشريعية القادمة، وتؤهلهم للمشاركة في الحياة السياسية". وتشهد تونس العام المقبل انتخابات تشريعية ورئاسية. وتتباين تقديرات غير رسمية بشأن عدد اليهود في تونس بين 1500 و2000 مواطن من أصل حوالي 11 مليون نسمة. وأضاف سلامة: "أنا مقتنع بالانضمام إلى قائمة النهضة كمستقل، ولو كانت غير النهضة طلبتني للانضمام إليها لما ترددت في ذلك.. لا أحب الإقصاء، وأريد للأحزاب التكاتف من أجل تونس أفضل". وحول إن كان قد رغب في العمل السياسي، قبل ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987-2011)، رد بقوله: "لا.. لم أكن لأقدم ترشحي، لأن الترشحات للانتخابات البلدية تتكون من طرف حزب واحد، وهو حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل (الحاكم سابقاً)". واستطرد: "كان الانخراط في الحياة السياسية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي أمراً مخيفاً.. إذا علم الإنسان أنه أمام أسد فلا يخاطر بوضع يده في فمه". ديمقراطية تونس وبشأن النتائج التي قد تفرزها الانتخابات البلدية بالنسبة إليه، قال سلامة: "إذا فزت فيا حبذا، وإذا أخفقت فلا ضير في ذلك، وسأساند المسؤولين الجدد من أي جهة كانت". وبدا واثقاً من تجربته بقوله: "لن أندم على هذه التجربة، فمستقبل تونس قبل كل شيء.. وسأتشبث بفوزي، ولن أسحب ترشحي". وبدأ التقدم بطلبات الترشح للانتخابات البلدية الخميس الماضي، وينتهي الخميس المقبل. وختم سلامة بقوله: "نريد أن نبين للعالم أن الديمقراطية نجحت في تونس، وندعو دول العالم إلى أن تولي عناية جدية لهذه التجربة".