الجزء الأول في هذه الأيام التّي احتفلنا فيها بالذكرى ال48 لاستقلال بلادنا ونتأهّب لإحياء ذكرى 20 أوت، وددت أن أذكر ببعض اللّحظات من كفاحنا في سبيل الحرية التي دفعنا ثمنها غاليا. كانت ملحمة الحرية حقّا من صنع الشعب عامّة، لكنها كانت بصفة خاصة من صنع شباب في سن العشرين في معظم الأحيان. * كان من قرارات الاجتماع التاريخي لقادة الداخل في ديسمبر 1958 بالولاية الثانية 1- بحضور العقداء عميروش وأمحمد بوقرّة والحواس، فضلا عن الرائد الحاج لخضر قائد الولاية الأولى بالنيابة ولمين خان عن الولاية الثانية، مساعد قائد الولاية السادسة سي الحواس، على التصدي لفلول "جيش بلونيس" ببعض المناطق التابعة لولايته. * وقد تطوّع العقيد بوقرة قائد الولاية الرابعة لتقديم يد العون لجاره الجنوبي منتدبا لذلك "كومندو جمال"، وهو وحدة من خيرة المجاهدين من المنطقة الثالثة (الونشريس) بالولاية. ومباشرة إثر عودة سي أمحمد من الاجتماع المذكور، استدعى هذه الوحدة في بداية فبراير 1959 ليخبرها بما تقرر بشأنها باختصار. * للتذكير أن فلول جيش العميل بلونيس- بعد القضاء عليه في 14 يوليو 1958 وتفكك جيشه تبعا لذلك - لجأت إلى ناحيتي بوسعادة والجلفة، حيث حملت لواء "الحركة الوطنية الجزائرية" - الموالية للحاج مصالي- وأخذت تواصل من هناك عداءها لجبهة وجيش التحرير وأنصارهما من المواطنين بصفة عامة. وكان تعدادها يتراوح ما بين 300 و400 رجل من مجموع نحو 3.500 مسلح كانوا يشكلون "جيش بلونيس" 2 . * وكان محمد بلونيس المناضل السابق في حزب الشعب الجزائري قد انحاز إلى الحاج مصالي عام 1954 في خلافه مع الأمانة العامة للحزب، و تولّى "بموافقة هذا الأخير" مهمة تكوين مجموعات مسلحة بالولاية الثالثة (الصومام، جرجرة) خاصة. لكن عناصر جيش التحرير الوطني ما انفكّت أن انقضّت عليه فاضطر إلى الانسحاب جنوبا، قبل أن يرتمي في أحضان جيش الاحتلال غداة عملية ملوزة 3 في أواخر مايو 1957 . فقد أبرم اتفاقا مع العدو تمكن بموجبه من تجنيد وتسليح أكثر من 3000 نفر، لتعزيز صفوف "جيشه" وتنصيب نفسه "جنرالا" عليه. * لكن علاقاته براعيه ما لبثت أن تدهورت بعد أن ركبه الغرور، ما جعل جيش الاحتلال يضع حدا لمقاومته - الفاشلة - ويفكك وحداته التي التحق أكثرها بجيش الاحتلال. * كان جبل بوكحيل من الأطلس الصحراوي على مشارق الصحراء هو الحد الجنوبي لمهمة الكومندو، وكان الوصول إليه يتطلب اجتياز مسافات طويلة مرهقة مشيا، تتخللها أحيانا اشتباكات مع العدو والتعرض إلى هجماته * وقصف طيرانه. * وعبر سرد الأحداث الأتية، بودي أن أذكر أهمها لأنها طبعت خلال تعاقبها الطويل مدة ستة أشهر، من فبراير إلى أوت 1959 . * وساعدني رفقائي القدامى، الباقين على قيد الحياة، في استذكار بعض الأحداث، وإعادة تحديد الأماكن. وبالأخص نذكر أسماء إخواننا، الذين استشهدوا عبر مسيرتنا. * ومن المأسوف عليه أن بعض هؤلاء لم نعثر على لقبهم العائلي. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أنه طوال كفاحنا، لم نكن نعير اهتماما لهذا النوع من المعلومات، شأنها شأن تلك التي تتعلق بناحية مسقط الرأس أو المنشأ. والأهم في كل حال كان هو الالتزام الوطني. * وخلال سرد الأحداث هذه، أروي ما يتصل بالأوقات الهامة مدة إقامتنا بالولاية السادسة من شهر فبراير إلى أوت 1959 . * وأريد فيما بعد أن أستمر في رواية الأحداث العسكرية البارزة التي كان "الكومندو" جمال بالمنطقة الثالثة من الولاية الرابعة أبلى فيها البلاء الحسن منذ تشكيله. * في بداية فبراير 1959 إذا كان "كومندو جمال" بمقر القيادة في أولاد بوعشرة (المنطقة الثانية التي تضم المدية) ليتسلم مهمته في الولاية السادسة من سي أمحمد الذي كان مرفوقا بنائبه السياسي الرائد صالح (محمد) زعموم. وفي اليوم الموالي وفي بداية طريقنا نحو هدفنا توقفنا قليلا من الوقت بأولاد بن عيسى (بالمنطقة الثانية دائما)، حيث التقينا من جديد بسي صالح، ومعه الأمر بالمهمّة مكتوبا بخط يده، والذي كان علي أن أترجمه إلى العربية على الوجه الثاني من نفس الوثيقة. * واصل "الكومندو" طريقه بعد ذلك عبر المنطقة الثانية ثم الأولى من ولايته الأصلية، قبل دخول الولاية السادسة عبر منطقتها الأولى التي تمتد من جبل الديرة شمالا إلى حد الصحاري جنوبا مرورا بسور الغزلان، سيدي عيسى، شلالة العذاورة، عين بوسيف، قصر البخاري، البيرين ... الخ. * وبمجرد تجاوز جبل الديرة يتغير المشهد الطبيعي باختلاف الجبال المشجرة بالولاية الرابعة عن الأرض القاحلة شبه العارية التي تميز منطقة السهوب، * وعند الوصول إلى ناحية كاف أفول علمت عناصر "الكومندو" أن مرحلة طويلة تنتظرها، ذلك أن حد الصحاري هو وجهتها القادمة التي تبعد حوالي 70 كلم باتجاه الجنوب الشرقي. وكانت مرحلة لا تنسى فعلا. بدأ المشوار في حدود الرابعة عصرا قبل حلول اللّيل، بالاستفادة من الغيوم التي كانت تلف الجو يومئذ. * كان علينا أن نقطع منطقة "القطفة" وهي أرض منبسطة شاسعة جرداء تبعث على اليأس. * وأن نعبر كذلك طريق "لروكاد" الذي يجتاز الهضاب العليا من المسيلة شرقا إلى تيارت غربا. ورغم الإرادة والجهود المضنية لم نتمكن من بلوغ جبل حد الصحاري قبل طلوع الفجر. أثناء السير ليلا كان الجبل يتراءى لنا قريبا جدا أحيانا، لكن سرعان ما نتبين ابتعاده عنا كلما تقدمنا باتجاهه. * كان علينا أن نواصل السير ساعات أخرى، ترافقنا نسمات الفجر المنعشة قليلا، لنصل بداية الجبل ونحن في منتهى التعب. * أما عناصر "الكوموندو" المتأخرة فلم تلتحق بنا إلا في حدود التاسعة والنصف صباحا .. ولحسن الحظ أن التضامن بين جنود الوحدة كانت طوال الرحلة الشاقة يعبر عن نفسه بمختلف المظاهر. كان البعض يتطوع للتخفيف على حامل الرشاش الثقيل بحمل ذخيرته وكذلك لمساندة الجندي الذي لا يستطيع المشي حسب إيقاع الجماعة حيث يمشون بجانبه. * كان الموقع الذي نرابط عند سفحه يقع على نحو 40 كلم شمال شرق حاسي بحبح. * قضينا ليلتنا الأولى عند السفح في مخيم للبدو، نصبت بعض خيامه خصيصا لاستضافتنا. وفي الصباح الباكر كان علينا أن نسارع بتسلّق الجبل للاحتماء بقممه والأماكن المنيعة فيه. وبينما كنا نتسلق فوجئنا بطلقات نارية تصوب نحونا، فذهب تخميننا أول وهلة إلى أنها صادرة عن فلول "جيش بلونيس" المنتسبة إلى الحركة الوطنية الجزائرية. * وبعد الظهر جاءنا مدني برسالة بالعربية كانت مختومة بطابع مستدير كبير لم أستطع أن أفك رموزه، لكن محتواها يقول ما معناه "أنتم الآن في منطقتنا، وأمامكم ساعتان للمغادرة. وإذا لم تفعلوا بعد المهلة سنهاجمكم ونقضي عليكم". من الواضح أن أصحاب الرسالة هم أنفسهم الذين أنذرونا بطلقاتهم النارية صباحا. * وبما أنه اتضح أننا لسنا وحدنا بالجبل فقد قررنا وضع وحدتنا في حالة طوارئ. * وضعنا إحدى الفصائل في المقدمة، بينما مكثت الأخريات في مواقعها عند طرف الجبل في وضع إسناد. كان المكان قليل الأشجار كثير الشعاب، مشكلا أساسا من كتل صخرية مترامية أحيانا، منتشرة دونما نسق، مما يضفي طابعا فوضويا على تضاريسه. كنا نحاول تحديد مواقع خصومنا في هذه الطبيعة المتوحشة، وقد سهلوا مهمتنا بظهورهم بين الفينة والأخرى لإشعارنا بأنهم هنا، وكأنهم يدعوننا إلى الانسحاب بلا تصادم. * تبينا أربع نقاط حراسة بكل منها حارس. وهي بمثابة تحصينات بدائية من حجارة ضخمة، وتوجد اثنتان منها في موقع متقدم، وبعيدا وراء هذه النقاط تقف كتلة صخرية ضخمة مرتفعة تشكل حصنا حقيقيا. توقعنا أول وهلة أن تكون أغلبية العناصر المسلحة للوحدة المناوبة كامنة خلف ذلك الجدار المهيب. * أخذنا نزحف صفا واحدا باتجاه النقطتين الأولين دون أن نتلقى أية ردّة فعل، ثم هجمنا مسرعين ونحن نطلق النار حتى فاجأنا الحارسين المتقدمين وقضينا عليهما. وقفنا عند النقطتين في حالة ترصد، وبينما كنت إلى جانب السبع4 - رئيس أحد الأفواج- سمعت شبه حركة ضعيفة من جهة اليسار، فالتفت لأكتشف أن أحد الحارسين الذي اعتقدنا أنه قتل كان يتماوت فقط، وأنه يتأهب لفك قنبلة كان يخفيها في قشابته، فما كان مني إلا أن أجهزت عليه بزخة طويلة. * واصلنا الزحف على نقطتي الحراسة الباقيتين وتمكنا من تحييدهما كذلك، بعد تبادل كثيف لإطلاق النار استغرق بضع دقائق. وبدأ الذعر نتيجة ذلك وسط خصومنا المحتمية بالجدار الصخري، ففضلت الانسحاب والفرار. ولم نر من ضرورة لمطاردتها. * خلال هذه العملية فقدنا قسوم (من مطماطة). وأصيب كل من السبع ومحمد مزّوج5 بجروح. وكانت إصابة السبع هي الثالثة والثانية في ساعده الأيسر. * وبعد أن دفنا شهيدنا قسوم رجعنا مع حلول الليل إلى مخيم البدو الصغير * وكان سبقنا إليه المموّن لترتيب عشائنا. * وقد انتهزنا من هذا اللقاء القصير لإرشاد مضيفينا، ومحاولة إقناعهم بأننا نحن جيش التحرير الوطني وليس فلول بلونيس ومن ورائهم "الحركة الوطنية الجزائرية"، وأننا نقاتل من أجل استقلال بلادنا، وقد علمنا بالمناسبة أن فلول بلونيس مازالوا يجترون دعايتهم ضد جبهة التحرير الوطني، باتهام مقاتليها بالشيوعية تارة وبالكفر تارة أخرى. ونعتقد أن خطابنا بلغ الجماعة، وحتى إذا ما تظاهروا فقط بتصديقنا فإننا نتفهم موقفهم. * غادرنا مخيم البدو بعد ذلك، وشرعنا في السّير - ليلا - باتجاه جبل "مناعة" * - محطتنا القادمة- الذي يستوجب الوصول إليه عبور شطّ "زحرز الشرقي" المالح تجنبا لطول المسافة في حال الالتفاف عليه. ولا يخلو عبور الشطوط من خطر في الشتاء كما في الصيف، ويقتضي ذلك السير على شريط يابس ضيق، لا يعرفه جيدا غير الدليل الذي يسبقنا، لأن في الحياد عن هذا الشريط خطر الوقوع في الوحل. لذا كنا نسير على خطى الدليل، بكثير من الحذر والتوجس في نفس الوقت. * وصلنا جبل مناعة بعد 3 أو 4 ساعات من السير، وهو مرتفع ضخم يقف أمامنا قبالة حد الصحاري. * يقع الجبل في المنطقة الثانية من الولاية السادسة، وعند سفحه تمتد أراضي أولاد بن عالية 6، الذين استقبلونا بحذر في البداية، لكن ما إن اطمأنوا لانتمائنا لجيش التحرير الوطني، حتى أصبحوا في غاية الحفاوة وحسن الضيافة. وهؤلاء منظمون تنظيما جيدا، ويتصدون بشجاعة لفلول بلونيس * والحركة الوطنية الذين لا يتجرؤون على الاقتراب من أراضيهم. * وقد شكلوا فصيلة من المسبلين على رأسها مسبل ناشط - رغم أنه برجل واحدة - يحمل بندقية "ستاتي" من بقايا الحرب الايطالية الليبية. مكثنا في جبل مناعة 3 أو 4 ليالي وكنا نبيت في ضيافة آل بن عالية. * واصلنا بعد ذلك توغلنا في المنطقة الثانية باتجاه جبل "وجه الباطن". وكانت مفاجأتنا كبيرة ونحن نكتشف في طريقنا منطقة تكسوها الأعشاب والغابات، ما يسمح لنا بالسير نهارا. وصلنا مركز "الباطن" بعد بضع ساعات، ويتميز الجبل بالجمع بين المرتفعات الغابية والروابي الصخرية. ومركز جيش التحرير به جيد، يتوفر على مكان للإقامة في بقعة منخفضة محاطة بالأشجار، حيث بني عدد من الأكواخ يسميها الجنود "بيوطات". كما يتوفر على خنادق جماعية وفردية ، وتحصينات من حجارة ضخمة مسقفة بصخور مسطحة تقي الجنود من الغارات الجوية. وقد أقيمت هذه التحصينات بجميع الأماكن المرتفعة، لا سيما غرب المركز وجنوبه. * كان في استقبالنا بجبل الباطن قائد الناحية ونائبه العسكري المرشح زرزي، بحضور قائد المنطقة (الثانية) النقيب غريس ونائبه العسكري. الملازم الأول سليمان لكحل7 . * كان قائد المنطقة مصابا بجروح، وبلغنا أن جيش التحرير نصب كمينا قبل يومين للجيش الفرنسي في جبل بودنزير، غنم خلاله كمية هائلة من الأسلحة. * فوجئ مضيفونا بصغر سن جنود "الكومندو" فعبروا عن اندهاشهم. وكان متوسط عمرهم فعلا يتراوح بين 23 و 24 سنة، ومنهم من هم أصغر مثل أمحمد من الشلف وابراهيم (العيد) من حجوط (18 سنة)، وموسى من دوار الزاوية بالصومعة (19 سنة). * كان زرزي هو المكلف بالاتصال بنا خلال توقفنا بمركز البطن، وهو أصهب بشوارب كثة ممتلئ البدن بادي الحيوية، يتحدث بصوت مرتفع وحماس فياض. وهو قائد كتيبة. وقد زارنا عند مغرب اليوم الثاني من إقامتنا بالمركز، وهو بكامل حيويته، يبدو عاديا تماما، ليخبرنا بأن عملية تمشيط تستهدف جبلنا غدا... مضيفا أن الخبر مؤكد، وأن تحركات كبرى لجيش الاحتلال قد تم رصدها، * وأن العملية بكل تأكيد رد على الكمين الأخير بجبل"بودنزير" (جنوبي غربي بو سعادة). * وحسب منطق الحرب الثورية كان رأينا أن نغادر المكان فورا، وكانت دهشتنا كبيرة لرأي زرزي المخالف، وإصراره على التزام مواقعنا في انتظار القوات الزاحفة علينا؟ ففي تقديره أن قوتنا تتكون من كتيبتين بتسليح جيد، ومن ثمة بإمكاننا أن نرد الصاع صاعين للعدو. * حاولنا مع ذلك أن ندافع عن خيار الانسحاب، بالتأكيد على أن سلاح جيش التحرير يكمن في سرعة الحركة والمفاجأة، بنصب الكمائن وشتى الغارات الخاطفة على أهداف محدودة للعدو، وأن الجيش الفرنسي سيهاجم بقوات ضخمة - قياسا بكتيبتينا - مدججة بالسلاح، مدعمة بالمصفحات وربما الدبابات، فضلا عن الطائرات. وطال النقاش بدون جدوى بعد أن تمسك محدثنا بموقفه، وحسم النقاش قائلا : "مهما يكن فلم يعد هناك ما يكفي من الوقت للحاق ليلا بالمركز التالي". * استسلمنا لرأي مضيفنا بدون اقتناع، مقدرين أننا تحت سلطة إخواننا في الولاية السادسة، ولا داعي للتسبب في أزمة معهم. * لكن كنا على قناعة تامة بأننا سنعيش غدا يوما شاقا جدا. يوم 7 مارس 1959 . * * يتبع ........... * 1- انعقد الاجتماع بولاد عسكر قرب الطاهر بالولاية الثانية بدعوة من العقيد عميروش من 6 إلى 12 ديسمبر 1958 . * 2- كان يطلق عليه اسم "الجيش الوطني للشعب الجزائري". * 3- العملية استهدفت متعاطفين مع بلونيس من قرى بني يلمان أواخر مايو 1957 . * 4-هو نعار حمدي بن محمد المدعو السبع من وادي الجمعة (عين الدفلى) ومقيم بالشلف. * 5- هو محمد مزّوج من برج الأمير خالد(مقطوعة). * 6- وآل بن عالية معروفون بخصلة "تفسير المصير" واستكشاف المستقبل، من خلال قراءة متجه الخطوط المرتسمة على راحة اليد فوق بساط من الرمل. ومن ثمة شهرة الاقتدار على قراءة "خط الرمل". واتخذوا منها حرفة يمارسونها عبر تنقلهم في كل نواحي البلاد. * 7- سليمان سليماني المدعو لكحل. واصل الخدمة بعد الاستقلال في صفوف الجيش الوطني الشعبي.