الحلقة الثانية إن لشهر رمضان فضائل لا تخفى ، و كرامات لا تستقصى، و يكفي فيه شرفا وفضلا،أيات في محكم التنزيل تقرأ وتتلى، وهو مضمار السابقين ، و غنيمة الصادقين، فيه تضاعف الأعمال ،و تحط الأوزار الثقال ، فهو غرة الدهور، و مصباح الشهور، وربيع للمؤمن ، يقطف فيه الأجور ،فإليكم بعض تلك الزهور فقطفوا خباها و استنشقوا عبيرها ، عسى ان تنالوا الحبور وتنعموا باللذة و السرور، وتتجافو عن دار الغرور. * عمر بن الخطاب * "الفاروق" * هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط القرشي العدوي، كنيته أبو حفص، ولقبه الفاروق. ولد رضي الله عنه بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة. وكان من أشراف قريش في الجاهلية والمتحدث الرسمي باسمهم مع القبائل الأخرى. لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان عمر شديدا عليه وعلى المسلمين، ثم كتب الله له الهداية فأسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم، في ذي الحجة سنة ست من البعثة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا :"اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام يعني أبا جهل . روى ابن إسحاق بسنده عن عمر قال : لما أسلمت تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة ، قال: قلت : أبو جهل ، فأتيت حتى ضربت عليه بابه فخرج إلي ، وقال أهلا وسهلا ، ما جاء بك ؟ قال : جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد ،وصدقت بما جاء به . قال فضرب الباب في وجهي ، وقال قبحك الله ، وقبح ما جئت به. وبعد أن أسلم عمر استشار النبي صلى الله عليه وسلم في أن يخرج المسلمون ويعلنوا إسلامهم في المسجد الحرام فأذن له، وخرج المسلمون وهم يومئذ أربعون رجلا في صفين، يتقدم أحدهما حمزة بن عبد المطلب ويتقدم الثاني عمر بن الخطاب، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالفاروق. عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق، فرق الله به بين الحق والباطل". وبإسلامه رضي الله عنه قويت شوكة المسلمين وأعلنوا بإيمانهم، عن عبد الله بن مسعود قال: "كان إسلام عمر فتحا، وكانت هجرته نصرا، وكانت إمارته رحمة. شهد عمر بن الخطاب جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أقرب الناس إلى قلبه، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر". وقال: "لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب". وعمر هو أحد المبشرين بالجنة، وهو أبو حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها. وكثيرا ما نزل القرآن الكريم موافقا لآراء عمر، عن عبد الله بن عمر قال: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه، وقال فيه عمر أو قال ابن الخطاب إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر". اشتهر رضي الله عنه بالزهد، وسعة العلم، والجرأة في الحق، وبعدما تولى الخلافة صار مضرب المثل في العدل في زمانه وإلى يوم الناس هذا. عن ابن عباس قال: أكثروا ذكر عمر، فإنكم إذا ذكرتموه ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل ذكرتم الله تبارك وتعالى. تولى عمر خلافة المسلمين بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك في السنة الثالثة عشر من الهجرة، ودامت خلافته عشر سنوات وستة أشهر وخمس ليال. و هو أول من سمي بأمير المؤمنين، وأول من اتخذ التاريخ الهجري ، وأول من جمع الناس على قيام رمضان، وأول من دون الدواوين في الدولة الإسلامية. استشهد رضي الله عنه بعد أن طعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، طعنه أبو لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالناس، وقال عمر حين عرف شخصية قاتله: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام! ومكث ثلاثا، ثم دفن يوم الأحد صباح هلال المحرم سنة أربع وعشرين، بجوار قبري النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر رضي الله عنه. * حكمة اليوم: * الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث يجدها * من أحاديث المصطفى: * عن أبي عبد الرحمان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ،ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويأمر بأربعة كلمات:بكتب رزقه و أجله و عمله و شقي أو سعيد،فوالله الذي لا إله غيره إن احدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع،فيسبق عليه الكتاب،فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ،فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها"رواه البخاري * فوائد الحديث: * -الحث على الدعاء بالثبات على الدين. * -الحث على الإستعاذة من سوء الخاتمة. * -إن الأعمال سبب دخول الجنة أو النار. * -شكر الله الخالق المنان. * -الشقاء و السعادة لا يعلمهما إلا الله. * -الإطمئنان على الرزق و القناعة مع الاخذ بالأسباب. * -الحياة بيد الله و لن يموت عبد حتى يستكمل عمره و رزقه.