بمجرد إعلان المضيفة الجوية وصول الطائرة إلى العاصمة هانوي - فيتنام، أو الجمهورية الاشتراكية، تعاقبت العديد من الصور في ذهني، وكان من بين تلك الصور، بعض الأحداث التاريخية، ومعركة "ديان بيان بين" والزعيم هوشي مي، وبالمناسبة من اكبر المدن بعد العاصمة، هوشي مي، والتي هي العاصمة الاقتصادية، دون أن ننسى الجنرال جياب .. صاحب المقولة أن الامبرالية تلميذ غير نجيب ... * وقد كانت زيارتي الأولى لهذا البلد في إطار حشد الاصوات لأحد الانتخابات على مستوى المنظمات الإنسانية، ولأول وهلة وأثناء نزولي في العاصمة وفي طريقك إلى الفندق، قد تصادفك منطقة صناعية، متواجد فيها جميع "الماركات" العالمية، فهي منطقة حرة لا تسير بالمنطق الاشتراكي أو الأيديولوجية الشيوعية، ولكن على أساس قواعد الربح والخسارة واقتصاد السوق، ولعل تواجدها راجع بالدرجة الأولى "لزواج متعة" بين طرفين، الأول: الحكومة واحتياجاتها للعملة الصعبة، والثاني: الشركات واحتياجاتها للأيدي العاملة الرخيصة، و كل البضائع للتصدير دون إشغالها في الأسواق المحلية . ولا غرابة أن تجد الشوارع مكتظة بالسكان اثناء تجولك في هانوي، أو غيرها من المدن الاخرى، ففيتنام تحتل المرتبة الثالثة عشر في قائمة دول العالم الأكثر سكانا، يتجاوز عدد سكانها 86 مليون نسمة، 60٪ منهم من فئة الشباب، وقد لاحظت أن "العجائز" او "كبار السن" يتكلمون اللغة الفرنسية بطلاقة، بينما يتحث الجيل الحديث اللغة الإنجليزية . ولا نستطيع أن ننسى أن فيتنام عبر تاريخها المعاصر عرفت العديد من الحروب، أهمها مع الاستعمار الفرنسي، فقد قامت هذه الاخيرة بسلسلة من الغزوات العسكرية، دون ان ننسى استغلال الموارد الطبيعية لفيتنام أثناء الحرب العالمية الثانية، فحوالى 10٪ من السكان ماتوا بمجاعة فيتنام في الفترة من عام 1944 إلى عام 1945 . أما بالنسبة للزراعة، فأثناء تجولك في الحقول لا يسعك إلا أن تلاحظ انتشار حقول الأرز، إن لم تكن هي المكتسحة بحكم أن الارز هو الغذاء الأول والمفضل لدى الشعب الفيتنامي . وما أذهلني كذلك في العاصمة هانوي، الأسلاك الكهربائية العديدة والمرئية والتي تقدر بالمئات، مما أدى إلى تشويه منظر العديد من الشوارع في بعض الأحياء، وكذلك كثرة الدراجات، فهي تفوق عدد السيارات، مما يسبب زحمة في الشوارع. كانت تجربتي زيارة العاصمة بواسطة دراجة نارية من التجارب المفيدة، فهي أسهل ولكنها محفوفة بكثير من المخاطر والمغامرات غير السارة أحيانا، فالحذر كل الحذر لمن تسول له نفسه خوض التجربة . كما لاحظت أن التضاريس في فيتنام استوائية، تتنوع فيها الأراضي الجبلية والسهلية والغابات وكثافة الاشجار، ولا ننسى أنه يحدها كل من الصين ولاوس وتايلاند وكمبوديا، وكلها لها نفس العادات والتقاليد، مع بعض الاختلافات البسيطة. وأخيرا .. فإن اللغة الرسمية هي اللغة الفيتنامية والتي تختلف من حيث " الصوت " عن باقي اللغات الاخرى في المنطقة .