تلقى نواب حزب جبهة التحرير الوطني مؤخرا تعليمة من قبل رئيس الكتلة يدعوهم من خلالها إلى ضرورة الالتزام بحضور كافة الجلسات التي يعقدها البرلمان دون استثناء، بما يساهم في حسن سير أشغال هذه الهيئة التشريعية، بعد أن تفاقمت ظاهرة هجرة الكثير من النواب لمقاعدهم في القبة السفلى للبرلمان. * وإذا كان رئيس كتلة الأفالان العياشي دعدوعة يصف التعليمة التي حملت توقيعه بأنها مجرد تنبيه، بغرض جعل نواب تشكيلته يحرصون على أداء واجبهم على أكمل وجه، بصفتهم ممثلين للشعب، فإن التعليمة تزامن صدورها مع تفشي ظاهرة الغياب عن الجلسات التي يعقدها البرلمان، والتي تتكرر باستمرار، وتتزامن أيضا مع عرض مشاريع قوانين جد هامة ومصيرية للنقاش العام، إذ كثيرا ما يتوقف حضور النواب عند عرض تلك المشاريع فقط من قبل الوزير المعني بها. * كما أن تعمد التلفزيون الوطني مؤخرا تصويب كاميراته باتجاه المقاعد الشاغرة، أثناء تغطيته لإحدى الجلسات التي تم تخصيصها لطرح الأسئلة الشفوية، ساهم في كشف الوضع الحقيقي داخل قبة البرلمان، في وقت لم تتوقف الصحافة المكتوبة عن إثارة هذه القضية، التي لا يمكن الاستهانة بها إذا ما أخذنا بعين الاعتبار طبيعة مهمة النائب، الذي يعد ممثلا للشعب، الذي منحه ثقته كي يتبنى انشغالاته واهتماماته ويثيرها أمام السلطات العمومية وممثلي الحكومة. * وفي سياق متصل يحاول رئيس كتلة حزب جبهة التحرير الوطني الدفاع عن آداء نوابه، باعتبارهم يشكلون أغلبية نواب الغرفة السفلى للبرلمان، لذلك فإن أصابع الاتهام توجه إليهم مباشرة فور إثارة معضلة التغيّب عن الجلسات، وعدم الاكتراث بأنشطة المجلس، ويرى المصدر ذاته بأن الحضور لا يقتصر فقط على جلسات الافتتاح والاختتام، بل هو دائم بدليل أنه لم يتم يوما رفع أي جلسة بسبب عدم بلوغ النصاب القانوني. * ويبرر المتحدث ذاته إصرار نواب حزبه على عدم حضور الجلسات المخصصة لطرح الأسئلة الشفوية، كونها تتعلق في كثير من الأحيان بطرح أسئلة تتعلق بدوار معين "وهي لا تلزم الجميع بالحضور"، لكنه يعود ليقول:" إن الحضور هو أخلاقي ودستوري، والنائب لا يحاسب على ذلك من الناحية القانونية، لأنه لديه ضمير يحكمه". * ولا يقتصر التهاون بنشاطات المجلس الشعبي الوطني على كتلة معينة دون غيرها، إلا أن اللوم الأكبر يقع على نواب الحزب العتيد لأنه يتمتع بأغلبية المقاعد، ولديه أكبر عدد من النواب، لذلك فإن أصابع الاتهام توجه دائما إليه، وهو ما يدعو في واقع الأمر إلى ضرورة تبني الأحزاب الممثلة في الغرفة السفلى للبرلمان لإجراءات فعالة تلزم من خلالها ممثليها في الهيئة التشريعية باحترام العهدة النيابية، وبالوفاء بالوعود التي قدموها للشعب الذي منحهم ثقته.