دخلت إسرائيل مرحلة محاربة أعدائها الأحياء بالأموات، بعد غرقها في المستنقع اللبناني، حيث أعلنت الإذاعة الإسرائيلية بأن "جثث عناصر حزب الله ستكون بمثابة ورقة مساومة في حال إجراء مفاوضات وذلك في ما يتعلق بإعادتها إلى لبنان"!، وبينما تشتد المواجهات على الحدود البرية، يواصل الطيران الحربي الإسرائيلي، غاراته الوحشية على مناطق بيروت الجنوبية وصيدا والبقاع، في وقت أعلنت فيه القيادة العسكرية في لبنان، أنه استنادا إلى قرار وزير الدفاع الوطني، يُستدعى الضباط والعسكريون المتقاعدون الاحتياطيون من كافة الرتب، إضافة إلى الملازمين والرتباء المجندين والمجندين الاحتياطيين، بهدف المساهمة الوطنية في أعمال النجدة والإغاثة ومسح الأضرار والإسعافات التي يقوم بها الجيش. جمال لعلامي التراجيديا الإنسانية في لبنان، تظهرها مشاهد إستمرار تدفق النازحين المدنيين من القرى الجنوبية المستهدفة بالقصف الإسرائيلى بإتجاه الشمال، في محاولة منهم للوصول إلى مناطق آمنة، وأفاد مراسلون محليون، أن صيدا غصت بما لا يقل عن 400 ألف نازح، ضاقت بهم المدارس العامة والخاصة والمساجد والكنائس، فافترشوا أرض الساحات العامة ولجأ بعضهم إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين عند الطرف الجنوبى الشرقى للمدينة، وقد بدت سخرية القدر، ظاهرة للعيان بتحول النازحين اللبنانيين إلى لاجئين فى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فى بلدهم!. هذه الأمواج البشرية الهاربة من جنون إسرائيل ومن الحرب القذرة، يقابلها نقص حاد فى المواد التموينية والوقود والمياه الصالحة للشرب، كما تعاني المستشفيات من بداية ندرة الأدوية والمواد الطبية، وبالتزامن مع توالي وصول البوارج والسفن السياحية إلى مرفأ بيروت لإجلاء الرعايا الأجانب، وصلت إلى نفس الميناء، سفينة نقل عسكرية يونانية محملة بنحو 170 طنا من المساعدات الإنسانية، وهي الثانية خلال يومين، حيث كانت اليونان قد بعثت جوا إلى قبرص تسعة أطنان من المساعدات من خيم وأجهزة طبية وأدوية، لتنقل بعدها بحرا إلى لبنان. كما وصلت أول أمس، 7 شاحنات كويتيّة إلى لبنان و26 أخرى بقيت في دمشق، في سياق إستمرار عمليات وصول المساعدات الغذائية إلى بيروت كمنطقة حرب، برا وبحرا، بعد موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت على فتح ممرات إنسانية إلى لبنان، وفي الإطار نفسه، وصلت أمس، باخرتي مساعدات، الأولى قادمة من قبرص والثانية من إيطاليا، فيما أعلن وفد من الهلال الأحمر الإيراني، عن قدوم عشرين سيارة إسعاف محملة بالأدوية إلى لبنان عبر العاصمة السورية دمشق، ومن جهة أخرى، ناشدت لبنان الصليب الأحمر الدولي واللبناني، التدخل العاجل في قرى وبلدات عين إبل، رميش، دبل، القوزح وعلما، بغية إجلاء الرضع والأطفال والمسنين والمرضى الذين يتلقون علاجا منظما كالحالات السرطانية وما يماثلها من الحالات الخطيرة. وفي سياق متصل، ناشدت منظمة العمل العربية، الحكومات وأصحاب الأعمال والعمال، إلى مدّ يد العون وتقديم المساعدات المالية أو العينية الممكنة، من مواد غذائية وأغطية وخيم وغيره، للعمال الذين تم تشريدهم وأسرهم من الشعبين الفلسطيني واللبناني، هذا في وقت، تتحدث بعض الأرقام بأن حصة البقاع من الأموال المخصصة لأعمال الإيواء، تبلغ نحو 380 مليون ليرة، من المفترض أن توزع على البلديات التي تسهم في هذه العمليات لتأمين المؤن وحاجات المبيت الأساسية في الثانويات والمدارس الرسمية، إلا أن هذه الأموال لاتزال تنتظر استكمال المناقصات وتقديم العروض وغيرها من المعاملات الروتينية، التي تجعل من غرفة العمليات القائمة في محافظة البقاع دائرة أخرى من دوائر الدولة المكبلة بالإجراءات!. هذه الحال دفعت بمئات العائلات اللبنانية، إلى النزوح في إتجاه سوريا، وتشير شرطة الحدود، في هذا الإطار، إلى إنجازها ما لا يقل عن 30 ألف معاملة خروج لمواطنين لبنانيين عن طريق المصنع، وتبذل معظم بلديات البقاع مجهودا كبيرا لمحاولة إيواء هذه العائلات وتأمين مستلزماتها.