تشهد قضايا اختلاس المال العام تراجعا ملحوظا على مستوى دورات محكمة جنايات العاصمة، حيث بُرمجت واحدة فقط في دورة شهر جانفي المقبل، متورط فيها متهم مسجون، ويعود السبب إلى قانون مكافحة الفساد الجديد الصادر في جانفي 2006 وهو قانون 06-01 والذي نزع الصفة الجنائية عن تهمة تبديد أموال الدولة، وجعلها جنحة عادية مهما كانت قيمة المبلغ المختلس، حتى ولو تعدى عشرات الملايير. * ففي القانون القديم كانت جميع قضايا تبديد المال العام والتي تتجاوز مبالغها 300 مليون سنتيم تعتبر جناية، وحسب المحامي "بوغابة. م" والذي كثيرا ما رافع في مثل هذه القضايا، فإنه لمس ارتياحا لدى أهالي المتابعين في هذه الملفات، لأنهم يعتبرون أن القانون الجديد أصبح يصب في صالحهم، فالجناية تصل أقصى عقوبة لها إلى 20 سنة أو السجن المؤبد، في حين لا تتعدى العشر سنوات في القانون الجديد، كما أن الطعن بالنقض في أحكام الجنايات تتولاه المحكمة العليا ويستغرق وقتا طويلا قد يفوق السنة، في حين لا يزيد الاستئناف في أحكام الجنح عن العشرة أيام. * وبالتالي فقد أصبحت العقوبات المسلطة على مختلسي المال العام تساوي تلك المسلطة على سارقي الهواتف النقالة، حيث حضرنا قضية اختلس فيها إطار مبلغ أكثر من 2 مليار سنتيم من البنك الوطني الخارجي وأدين ب6 سنوات سجنا، في حين تحصّل شاب سرق هاتفا نقالا على خمس سنوات. * فيما تشهد قضايا التزوير بأنواعها ارتفاعا محسوسا، حيث سيحاكم في الدورة القادمة 37 متهما، سبعة منهم رهن الحبس والبقية غير موقوفين، منهم خمسة نساء واحدة في حالة فرار. ويدخل في جناية التزوير واستعمال المزور، تهم متعلقة بالتزوير في محررات رسمية، التصريح الكاذب والنصب والاحتيال، التزوير في محرر يدخل في أعمال الوظيفة، إبرام صفقات مخالفة للتشريع، التزييف، الإقرار بوقائع يُعلم بأنها كاذبة في صورة وقائع صحيحة، وضع توقيع مزور وانتحال هوية الغير. * ويتوّرط في هذه الجنايات غالبا الموّثقون الذين يوقعّون عقودا مزورة لشراء الشقق والسيارات والقطع الأرضية، وكذا مسيرو المؤسسات العمومية والبنوك، وعصابات تزوير الوثائق والعملة، وتصل عقوبات التزوير إلى 20 سنة سجنا نافذا.