أكد النائب العام لدى مجلس قضاء وهران زغماتي بلقاسم، في تصريح خاص ل"الشروق اليومي" أمس، مؤخرا القبض على أحد المتهمين الفارين في قضية تبديد 13200 مليار سنتيم من البنك الصناعي التجاري الجزائري المزمع إحالتها على محكمة الجنايات يوم 6 نوفمبر المقبل، وأضاف المتحدث أن المتهم الذي تمّ القبض عليه ليس إطارا بالبنك، بل هو أحد التجار الذين فرّوا بجلدهم نحو أوربا عقب اكتشاف فضيحة الإختلاس، علما أنه يوجد 14 متهما آخرين مازالوا في حالة فرار. قادة بن عمار مع الإشارة أن الفارين يمثلون الرؤوس المدبرة لفضيحة الإختلاس من إطارات سابقة ورؤساء مصالح، ناهيك عن تجار متابعين بتهمة الحصول على قروض بنكية طائلة دون ضمانات. ونفى السيد زغماتي أن تكون الإجراءات الأخيرة التي تمّ اتخاذها من طرف دفاع المتهمين والمتعلقة بالطعن في قرار غرفة الإتهام الصادر في جوان 2005، أو رد المحكمة العليا على ذلك، سيقف حجر عثرة للفصل في الملف "فالدفاع له حقوقه التي يستعملها متى شاء حسب القانون، وللنيابة العامة واجباتها في جدولة القضية" أضاف المتحدث. وتأتي هذه التأكيدات في الوقت الذي قالت فيه مصادر موثوقة داخل مجلس قضاء وهران أنه من غير المستبعد تأجيل البتّ في القضية، وذلك لأسباب ربطتها ذات المصادر بالتعقيدات القانونية في تنفيذ بعض الإجراءات والمتعلقة أساسا بتكييف القضية وكثرة المتهمين البالغ عددهم 66 شخصا، إضافة إلى صعوبة التوصل لتنفيذ الأحكام الدولية بالقبض على المتهمين الموجودين في حالة فرار والمستقرين حسب مصادر مؤكدة بفرنسا تحديدا. وكانت القضية التي كبّدت الخزينة العمومية 13200 مليار سنتيم، قد عرفت بداية شهر أوت الفارط منعرجا حاسما عقب الوفاة "المفاجئة" لأحد أبرز المتهمين الموجودين بالمؤسسة العقابية، ويتعلق الأمر بالمدعو (ع. ميلود) 55 سنة، وهو المدير السابق لوكالة البنك في دائرة سيڤ، حيث فسرت بعض الجهات سبب الوفاة بتدهور صحي ألمّ بالمتهم، لكن النائب العام كشف في تصريحه ل"الشروق"، أن المسألة تمّ تهويلها أكثر من حجمها الطبيعي، وأن تشريح الجثة أثبت حصول "وفاة طبيعية"، علما أن الحادثة دفعت الجهات القضائية المسؤولة والمكلفة بالملف، لإخضاع بقية المتهمين الموضوعين رهن الحبس، وعددهم 32 متهما إلى فحوصات طبية شاملة ومستمرة، خوفا من تكرار سيناريو "الوفاة الغامضة" لأحد المتهمين، وبالتالي صعوبة وقف مزيد من التأويلات. وكان التكييف الجنائي للتهم قد شهد شدّا وجذبا بين غرفة الاتهام والمحكمة العليا، وذلك بعدما تحرك دفاع أربعة متهمين للطعن في طبيعة القضية، علما أن لائحة التهم تضمنت "إختلاس أموال عمومية، وتبديدها، إضافة إلى المشاركة في ذلك، والتزوير واستعمال المزوّر، ناهيك عن النصب والاحتيال"، وهي التهم التي سيكون صعبا حسب العارفين بالشأن القانوني على الدفاع ردّها، بالنظر إلى جملة عوامل، أهمّها ضخامة حجم الأموال المختلسة، والتي تجعل من القضية فضيحة بكل المقاييس، إضافة إلى الاهتمام الدعائي الكبير والمحيط بالملف باعتباره يمثل مؤشرا ملموسا على الحرب ضد الفساد. من جانب آخر، ترجح بعض المصادر، أن يتم تسليط أقصى العقوبات على المتهمين ال14 الموجودين في حالة فرار خارج التراب الوطني، وأبرزهم إطارات البنك ومسؤوليه السابقين، مثل خروبي محمد، وخروبي محمد علي، زعاي علي، رفاس لحسن.. إضافة إلى حداد ياسين، قيسي توفيق وصحراوي بوعلام، وهم بحسب مصادر الشروق المتابعون بتهمة المشاركة في تبديد الأموال عن طريق تواطئهم في منح قروض دون ضمانات.. إضافة إلى11 متهما آخرين موجودين تحت الرقابة القضائية و8 آخرين استفادوا من الإفراج المؤقت.